كلمتها في التليفون منذ بضعة سنوات اطلب لقاءا وحوارا سألتني بحدة ..هل قرأت كتبي لتناقشيني؟ قلت لها لنجرب...قالت إذن ارسلي الاسئلة أولا..قلت لها فإذا اعجبتك اجيبي عليها وقابليني قالت نعم...وكان اللقاء..
--
الكاتبة والمفكرة المصرية الدكتورة نوال السعداوي..شخصية فذة مثيرة للجدل، جريئة وواضحة، اختلفنا أو اتفقنا معها، لانملك إلا الإعجاب بصراحتها في التعبير عما تعتقده، دون خوف من رد فعل أو "تصنيف"...كان لنا معها هذا الحوار الساخن والمميز
*علاقة الرجل بالمرأة علاقة الأسياد بالعبيد
*عاتبت الله بشأن المواريث
*لا أؤمن بالفطرات الخمس والختان غير ضروري
*أعيش بعيدا عن زوجي لأني أحب حريتي
*لم أنضم للإخوان
والدك الأستاذ السيد السعداوى الأستاذ بكلية دار العلوم و الأب المثقف لم يشبع تساؤلاتك عقليًا فهل أثر هذا على تفكيرك طول الوقت ؟
تأثير أبي كان ايجابيا وكان يشجعني دائما علي التفكير بعقلي وعدم طاعة المدرسين المحدودي الفكر خاصة مدرس الدين ، ولم يكن ممكنا لأبي أن يجيب عن كل تساؤلاتي ، بحكم سنه وزمنه وتكوينه كرجل مسلم ، لكنه ترك لي حرية البحث العلمي والأدبي والديني لكل ما يساورني من أسئلة
- هل يؤلمك أن تترجم أعمالك لثلاثين لغة ولا يكون الصدى إلا لمناقشة معتقداتك وأفكارك وليس إبداعك الأدبى ؟
بالطبع يؤلمني عملية اقصائي نصف قرن من الساحة الأدبية والثقافية والفكرية داخل مصر بسبب نقدي العلمي والأدبي للحكومات المصرية المتتالية المستبدة الفاسدة ولأنني لم أنشد مناصب أو جوائز أو رضا أي حاكم ، ولأن الصحافة المصرية متخلفة والاعلام في مصر متدهور فقد أصبحت أفكاري
الجديدة المبدعة أداة للاثارة السطحية لترويج السلعة والربح وليس وسيلة للتفكير العميق والجدل البناء ، لكن ما يسعدني أن أجيالا من الشباب والشابات تأثروا بأفكاري ويواصلون قراءتي
"عيدية الجدة" كانت سببًا فى عتابك مع الله بشأن المواريث ؟
نعم كان عقلي الطفولي الفطري قادرا علي كشف الظلم والازدواجية والتناقضات فيما يقوله مدرس الدين في الفصل وما يقوله أو يفعله أفراد الأسرة في البيت منهم جدتي وكان أبي يشجعني علي مناقشة الله في كل مالا يقنع عقلي ويؤكد لي أن الاسلام دين العقل وليس الحفظ والترديد بغباء مثل البباغاوات
4- في زواجك الأول والثانى أوعزت الفشل للغيرة من النجاح تعتقدى أن غيرة الرجل هى فقط ما تعرقل المرأة وتفشل الزواج أم أن هناك أسبابًا أخرى ؟ بمعنى آخر ألا تنتقد نوال نفسها أبدا ؟
وهل أثّر إنجاب الأطفال ورعايتهم على شعورها بالحرية كما أعربت فى أحد كتبها ؟؟
أنا أنتقد نفسي وأراجعها بعقلي وليس بعقول الآخرين . أغلب الزيجات لا تنجح بسبب القيم الطبقية الأبوية الموروثة ومفاهيم الرجولة والأنوثة الخاطئة ، وقد يكون الرجل صديقا أو زميلا يقبل التساوي مع زميلته لكن الرجل الزوج لا يستطيع نفسيا أن يحتمل زوجة أكثر ذكاءا وقدرة منه
أهم صفة سلبية في شخصيتي كزوجة أني لا يمكن أبدا أن أقوم بدور الزوجة المطلوب من الزوجات ، أي تطبخ وتكنس وتجهز الطعام لزوجها وتشعره أنه السيد ، ومهما تطور عقل الزوج فهو لا يحتمل زوجة متفوقة عنه ،
انجاب الأطفال تجربة ايجابية وسلبية في آن واحد ، لأن الأمومة تجبر المرأة علي قبول ما لا تقبله لو لم تكن أما ، الأم تضحي بحياتها من أجل أطفالها وهنا الخطورة الناتجة عن مفهوم الأمومة الخاطيء ، ومفهوم الأبوة الأناني الأكثر خطأا
أهم شيء هو التحرر من العبودية لأي أفكار لا تقنعني والتطور الفكري المستمر لبلوغ الحرية والابداع الذي آريده
- لماذا تسكنين فى مكان وزوجك فى مكان آخر ؟ أليس هذا غريبا على معنى الزواج والدفىء ولم الشمل ؟
حقيقة الأمر أنني لم أقابل في كل عمري الرجل الذي يجعلني أعيش معه في مكان واحد طول الوقت دون أن أشعر بالزهق والاختناق ، فأنا كاتبة لي حريتي ومن الضروري أن تكون لي مساحتي الخاصة بعيدا عن الجميع في الأسرة ، ثم هناك عادات موروثة ضارة ومنها عدم القدرة علي الحياة بمفردنا ، والخوف من الوحدة والاستقلال مع أن الحرية تبدأ من الوحدة والاستقلال
- القيادى الإخوانى محمود جامع اتهمك بأنك انضممتِ للإخوان فى مطلع حياتك فهل هذا صحيح ؟ وماسبب ادعائه عليك بهذا ؟
كان هو زميلا لي في كلية الطب من الزملاء الهامشيين في الكلية ، لم يقنعني أبدا بشخصيته الضعيفة التابعة لغيره لهذا لم أنتبه له أبدا ونسيته بعد التحرج وفوجئت بما يقوله بعد عشرات السنين من التخرج ، ربما كان يحلم في شبابه بانضمامي للاخوان المسلمين ولم يتحقق حلمه فأشاع الحلم كأنما حقيقة تعويضا عن الاحباط الذي شعر به ازاء عدم احساسي بوجوده أثناء الدراسة في الكلية ، الكذب يعالج الشعور بالنقص أحيانا
- ما هى أشهر الاشاعات التى تعرضتِ لها ؟
لا أذكر الاشاعات السلبية فهي لا تبقي في ذاكرتي لأنها كاذبة ولا اهتم بها ، لكني أذكر الاشاعات الايجابية وهي أنني قوية ذكية ، ومن أهم العقول المبدعة في القرن العشرين
- قرأت لك تقريرًا علميًا اجتماعيًا عن ختان الرجل وأنه "غير صحى" وأنتِ تعارضينه رغم أن ختان الرجل من الفطرات الخمس فى الإسلام واليهودية ؟
لا أومن بالفطرات الخمس أو أكثر الواردة في أي دين أو مذهب في العالم ، أنا أومن بالحقائق العلمية والطبية التي ثبتت صحتها ، ومنها أن عمليات الختان جميعا للذكور أو الاناث ضارة بصحة الأطفال والكبار ، وعليك البحث عن هذه الحقائق في الكتب العلمية وليس الكتب الدينية ، أغلب النساء والرجال المبدعين في العالم لم يختنوا ، واذا عدنا للفطرة والايمان بالله فان الله كامل لا يخلق الا الكامل فكيف نقطع من جسد الانسان المخلوق كاملا ، وهل يصحح البشر ما خلقه الله والله أحسن الخالقين ؟ هل البشر أكثر كمالا واتقانا من الله ؟
الكتب والروايات
----------------
- قلتِ فى كتابك " الأنثى هى الأصل" جملة " المرأة الطبيعية هى التى تنجح فى قتل وجودها الحقيقى " ماذا تقصدين بتلك الجملة ؟
هذا اقتباس خارج السياق قد يضلل العقول ، لكن الفكرة هي أن المجتمع الطبقي الأبوي العبودي يفرض علي المرأة أن تقتل طبيعتها وابداعها لتصبح زوجة صالحة في نظر
المجتمع ، البنت تخلق شجاعة ذكية ايجابية مثل أخيها لكن التربية تفرض عليها اخفاء ذكاءها لتكون أنثي مطيعة
- من كتابك الأنثى هي الاصل " إن علاقة الأسياد بالعبيد كعلاقة الرجل بالمرأة " ؟؟؟؟؟؟؟
بالضبط هذا صحيح بل أحيانا لا تملك المرأة حرية العبد الذي يمكنه أن يهجر بيت السيد أما المرأة فهي تبقي في بيت زوجها مكرهة خوفا من عقاب الدنيا والآخرة أو لأنها لا تملك خلع زوجها أو تطليقه ،
- ما أيسر الحياة حين يمارسها الإنسان على سجيتها " جملة من كتابك " مذكرات طبيبة " تم تأويلها بشكل فج فهلا أوضحتِ لنا أكثر ؟
لا أعرف ما ذا كان معني تأويلها بشكل فج ؟ لم أقرأ ذلك من قبل ، انها عبارة بسيطة واضحة تعني ما أسهل الحياة الطبيعية حين يمارسها الانسان ببساطة ،
البساطة والطبيعية هي الابداع والعبقرية وليس التصنع والزيف
- من كتابك مذكرات طبيبة قلتِ " وإن قيودي لا تنبع من خوف على عذرية واهية تمزقها خبطة عشوائية وتوصلها غرز العلم ...
قيودي أضعها بنفسي حين أريد القيود" ؟؟؟؟ توضيح أكثر
المعني واضح أن العذرية الجسدية وهم بيولوحي هش لا يعني الأخلاق الحميدة ،
ويمكن ترميم العذرية بمشرط الجراحة لكن لا يمكن ترميم فساد السلوك اليومي والكذب والخيانة بالمشرط ، وهناك ٪ ٣٠ من البنات العذراوات لا ينزفن ليلة الزفاف اما لأنهن ولدن بدون غشاء بكارة أو كان الغشاء من نوع لا ينزف أو مطاط لا يتمزق
- تقولين "لا يزال الإبداع الفكري في بلادنا العربية ممنوعاً بالقوى السياسة والدينية الحاكمة , الإبداع يعنى البدعة وهي كلمة سلبية في القاموس السياسي الديني في بلادنا , أن كلمة الخلق الفكري أكثر خطورة , لأنه لا يوجود في الكون إلا خالق واحد من ينافسه قد يعرض نفسه أو نفسها لتهمة الزندقة ”
اختلف معكِ في تلك المقولة...فقد حسم الله سبحانه وتعالى فكرة الابداع فى قوله " فتبارك الله احسن الخالقين " لقد أباح لنا الله فكرة الخلق والإبداع ولكنه بالطبع أحسن الخالقين " اذن ؟؟؟؟
مشكلة الفكر والثقافة والابداع في مصر هو أنه لا جديد تحت الشمس ، والمعرفة
تم تحصيلها في الماضي ، وبالتالي لا يوجد مستقبل جديد للمعرفة أو الابداع ، وهذا يؤدي الي التخلف العقلي ، وعلينا أن نصحح أفكارنا لا بد من التجديد الديني وكان أبي أستاذا تخرج في الأزهر ودار العلوم وقال الاسلام الصحيح يشجع علي التفكير العقلي وتحصيل المعارف الجديدة
- فى كتابك المرأة والجنس تقولين " فإذا ما أثبتت امرأه ما نبوغها بما لا يدع مجالا للشك اعترف المجتمع بنبوغها وسحب منها شخصيتها كامرأة وضمها الى جنس الرجال .”
أرى هنا ظلال الجدة المنتقصة من حق البنت.. والأب الذى يحرم التفكير ,بل إنها تخيم على كل أفكارك وما تعتقدينه فهل ما أراه صحيح ؟
لا ليست الجدة ولا الأب أو الأم وكنت أكثر حظا من البنات بسبب أسرتي المتفتحة أكثر من غيرها ، المجتمع والدولة والتعليم الديني والحكومة هي التي تحرم حرية التفكير ، باعتبار أن المعرفة تم تحصيلها مسبقا في الدين ،
- “تخاطب نفسها و كأنها شخص آخر،انفصام في الشخصية يعالج به الانسان الألم الفادح... متوهماً أن الألم يحدث لشخص آخر و ليس هو.” من كتابك مذكراتى فى سجن النساء
هل أصيبت نوال بالـ " سكتسوفرينيا فى تلك المرحلة بالفعل " لتعلو على الألم ؟
لا لم يحدث لي هذا الانفصام المريض للهروب من الألم ، كانت كل آلامي محتملة في السجن وخارجه ، ليس لأنها آلام غير شديدة ولكن بسبب القوة علي احتمالها وفهمها وتحليلها ، القوة الناتجة من الفهم و المعرفة تؤدي الي القوة النفسية وتقي الانسان من المرض النفسي بكل أنواعه
- " لايحب الرجال إلا تلك التى تؤلمهم " جملة فى كتابك سقوط الإمام أتفق معها تماما .... لكن هل كنت مرغوبة من الرجال حيث أنك برعتِ فى إيلامهم منذ صغرك ؟؟
الرجال يدورون حول المرأة كالذباب بسبب عجزهم عن امتلاكها ، هذا بديهي ، ولم يكن عندي الوقت أو الحاجة الي ايلام الرجال ، لم يكن عقلي مشغولا بهم وكنت أستمد قيمتي من عملي وابداعي وليس من أب أو زوج أو أي رجل
- قلتِ " يفقد الانسان كرامته حين يعجز عن الانفاق على نفسه " ... هل تفقد المرأة كرامتها إذا ظلت ببيتها تنتظر الإنفاق عليها من زوجها رغم أن هذا تكليف شرعى له ؟
الذي ينفق هو الذي يسيطر ، هذه بديهية ، المرأة التي تنفق علي نفسها ولا تعيش عالة علي الرجل تكون مستقلة لها ارادتها وكرامتها مثل الدولة المستقلة التي تعيش علي انتاجها وليس علي المعونات ، بعكس المرأة التي تتحمل الاهانة و قسوة زوجها أو خيانته وكذبه عليها لأنه ينفق عليها وليس لها بديل عنه ،