ـ آه...
لمَ صرخت هكذا؟ ولأيّ سبب تبكي؟
ـ لأني... لا، لن أقول إنني توجعت،
لأن ذلك هو ما سبّب لي الألم في الأساس.
ما صرخت وجعًا، ولا فزعًا، بل من قهري وحزني.
لأنها ذهبت فجأة من يدي، كما ذهبت اللحظة.
وددتُ لو خرجت من قلبي كما خرج صوتي،
فقط لأنني أحببتها، وكنت مستمتعًا بها،
وأردت بقاءها في حياتي كما هي.
أتتكلم بجد؟ أهذا جوابك؟
ـ ... (صمت)
إذن أخبرني، لِمَ هزلتَ أمام البلاء
وأطلقتَ لنفسك عنان الحزن؟
لِمَ أصبحتَ حتى ابتسامتك حزينة؟
وأوهمت نفسك أن الحياة سلبتك ما تحبّ إلى الأبد،
وأنت لا تعلم ما خبّأه لك جميلُ القدر؟
(سكت قليلًا، نظر إليه، وكأن شيئًا في صدره انفجر ولم يجد له صوتًا...)
فلأنك أصغر من أن تعيش هذه الكآبة،
وتفكّر بهذه الطريقة السوداوية.
كم كنتَ صاحب وجهٍ بشوش، فمتى عرفتَ معنى الحزن؟
لِمَ صار الزعل على رحيل الأشياء عاديًّا؟
وأنت الذي روّضت قلبك ليكون مستعدًا
لفراق أحبّ الأشياء إليه؟
لِمَ صارت أصغر ذكرى تقعدك كئيبًا أيّامًا؟
وأنت الذي كنت تترقّب زوال كل شيء؟
تعلم أنها ماضية، فلماذا تماديتَ
في إعطائها أكثر مما تستحق؟
ما زلتَ تُنهك عينيك، وتحرق وجنتيك،
وتُغرق قلبك بالدموع.
(ثم خفَض صوته فجأة، وكأنه لم يعد يعاتب بل يواسي...)
لِمَ تبكي عند كل كلمة تمسّ قلبك،
وأنت الذي عوّدت نفسك الحذر من الضعف؟
ماذا جنيتَ من إقبالك على الأشياء بكل ما فيك،
واستنزاف قلبك بتعلّقك؟
أنت الذي كنت تتخلى ببساطة،
ولا تكترث لدنيا ليست مهمة لمؤمن!
قل لي، ماذا نلتَ حين توغّلت بعاطفتك
في تفاصيلك، وأفرغت مشاعرك في ذكرياتك؟
لماذا تعمّقت في هذا الحزن الفظيع المميت؟
أنا فقط لا أريدك أن تبكي،
ولا أريدك حجرًا.
ها أناملي تكفكف دموعك اليوم،
وغدًا قد لا أكون.
عليك أن تكون أقوى من ذلك.
انهض بنفسك، وحقق ما رمتَ إليه.
افهم قلبك، وتقبّل ما أنت فيه،
وكن سعيدًا بما أنت عليه، ولو كنت وحدك.
لكن... هلّا أجبتني؟ لماذا؟
ـ كانت قد أجابت آهاته ودموعه،
فهو لم ينطق سوى:
"ليس لدي جواب... فقط أعطني حضنًا و أكفني."





































