تطاردنا دوما، أفكار عن تقييمنا لأنفسنا وتقييمنا للآخرين، وحديث نفسٍ لا ينتهي عن شخصيتنا وامكاناتنا وصورتنا عند الآخرين،
ويقال أنه تمر علينا في اليوم أكثر من مئة وستين ألف فكرة متنوعة، مطلوبٌ من عقلك أن يتعامل معها، وأكثرها وضوحًا وقوة هي التي تقفز دومًا أمام أعيننا لتفرض نفسها على ساحة التعامل معها والانشغال بها، لتنعكس في مشاعرنا سواءًا بالحزن أو السعادة أو الإكتئاب أو المرح،،، إلخ ثم مباشرة تتحول تلك المشاعر إلى سلوكيات تظهر للناس في تعاملنا معهم.
يقول د. عماد الحكيم في إحدى محاضراته برحلة إحياء الوعي ورفعه: "أنت قلق باستمرار بشأن ما يقولون عنك، بينما لست قلقًا أبدًا عن من تكون أنت" إنتهى كلامه.
فكرت في هذه الجملة التي أطلقها، والتي تمثل جزءًا كبيرًا مما يُغرِق فيه الناس، وتُشكل تشخيصًا دقيقًا عما يركزون فيه وما يهتمون به ضمن انشغالاتهم الرئيسية اليومية،
إذ طالما نتوقف عند صورتنا لدى الناس، هل يروني صالحًا أم سيئًا، ؟ هل طيبًا أم شريرًا، ؟ مقبولًا أم غير ذلك، ؟
ما يدور في أذهاننا من أفكار عما يقوله الناس عنا، وعن ماهية صورتنا عند الناس، هو ما يشدنا إلى تحسين المظهر أكثر من الجوهر، فنهتم بمعالجة ما بخارجنا أكثر مما بداخلنا، لنجد أن البعض يبحث عن كلمات الإطراء تجاهه "أنت متدين، أنت خلوق، أنت جيد،" في حين أنه ليس بملتزم إلتزام تعليمات الدين في سلوكياته بينه وبين نفسه، ولا يُحسّن أخلاقه ليرتقي بها، مكتفيًا بمظهره الذي يُظهِر الأخلاق، لكن عند المحك تنكشف الحقائق، فتراه عاريًا من كل ذلك.
ومن هنا يأتي الصراع النفسي، حين يختلف المظهر عن الجوهر الداخلي، فيفقد الإنسان الثقة في نفسه، وغالبًا ما ينكشف المستور، ويكتشف الناس الحقيقة، بأن من يتظاهر بالصدق كاذب، وأن الجيد سيء والخلوق منعدم الأخلاق.
علينا التركيز على النفس في ترقيَتها وضبطها وتهذيبها أخلاقيًا ودينيًا وسلوكيًا، وهذا لن يتأتى إلا إذا ركّز الإنسان على ماهيته وما بينه وبين نفسه، لينقي صورتها أمام نفسه وليس صورته عند الناس.