لا تستقيم الأمور في وقت المواجهات الوطنية, و حين تحتدم الأحداث حول الوطن بشكل يدعو للإنتباه, إذا نحن لم ننتبه.
و إذا تابعنا خريطة الواقع الدائر في منطقتنا العربية و بالأخص حول وطننا مصر, فإننا لن نخطئ ملاحظة تصدير المعضلات و المشكلات من حينٍ لآخر و بشكل متتابع و متواتر, لإدخال الوطن و إدارته في مخاطر من كل جهة, بعد أن كانت الخطورة فقط من جهة الشرق الشمالي للبلاد.
و لا غرابة في ذلك, فمصر بموقعها الفريد و عبقرية المكان فيها و الإنسان, إضافة إلى تجاورها مع منطقة الصراع الأشد في فلسطين و القدس تحديدا, جعلت منها محطاً لأفكار الاستفادة منها أحيانا, أو إضعافها أحيانا كثيرة.
و لا شك في أن وجود نظرية المؤامرة الآن, أمر يتضح للقاصي و الداني على محاور مختلفة و متعددة في شرق البلاد و غربها, و شمالها بعد جنوبها و بشكل متزامن في وقت واحد.
فما نفتأ ننهي استنزافا للوطن من ناحية الشرق في سيناء الحبيبة من إرهاب مجرم و محترف, إلا و تشتعل جبهات مؤامراتية في الغرب و الشمال من تركيا و حلفائها, و ما أن نجري تفاهمات مع مخاطر الجنوب في مسألة مصيرية للوطن مثل مياه النيل و سنوات ملء سد النهضة الأثيوبي, إلا و نجد خرقا للإتفاقات بشكل تتضح فيه الأيدي التي تدفع باتجاه تأجيج الآخر ضد مصالح مصر في هذا السياق.
إلا أن وجود المؤامرات شيء يجب أن نتفهمه و نؤمن به, فلقد كان و مازال و لن يزل ذلك المتربص الذي له مصالح تتعارض مع وجود دولة مصر بقوتها العسكرية و السياسية و الناعمة و غيرها, مما يدفعه إلى أن يؤلب كل "الممكن" ضد وطننا الحبيب طلبا في إضعاف مصر الدولة و الإدارة و الشعب.
و نحن إذ نؤمن بوجود المؤامرة, لا يجب أن نهتز من وجودها أو نخشى منها على مصرنا, أو نسلم بأن الآخر هو الذي يدفعنا للضعف و نقف مكتوفي الأيدي أو نستسلم للواقع, بل يجب حتمياً أن نتخذ كل السبل التي تواجه أي أعمال ضد مصرنا بكل الاستراتيجيات وكل الأدوات,
و إن من أهم الأدوات التي يجب أن نعمل عليها, هو التركيز على النسيج المجتمعي الداخلي الذي يجب أن يكون أقوى طرف في معادلة مواجهاتنا مع تلك المؤامرات التي لن تسكن أو تستكين, و أن نحدد كيفية استنهاض قوة هذا الشعب القوي بإرادته, و أن نرفع وعيه العام تجاه ما يجري حولنا من محاولات متتالية, للوصول إلى إحباط أهداف تلك المؤامرات.
و أهم ما يمكن أن نرفع به قوة تلك الجبهة الداخلية للوطن هو أن نبتعد عن بث الإحباط و تصديره للناس, و أن نصدق في كل ما نعلنه من الحقائق التي تمت على أرض الواقع و هي كثيرة و تحتاج لإعلام صادق ينشرها.
إن شعبا يعي بوضوح ما يجري حوله, عن طريق إعلام وطني مخلص و نخب تعمل للوطن و للأجيال القادمة, و يجدّ و يجتهد في مضمار العمل و الإنتاج لصالح الوطن, لحريٌّ به أن يدحض أي مؤامرة, و أن يتغلب على كل مخاطرة يصدّرها لنا الآخر, أو التي تأتينا من ردود فعل تمسنا بشكل غير مباشر.








































