نعلم جميعًا أن المراحل التي يحدث فيها انتشار شديد لوباء فايروس كوفيد19 هي مراحل لا تستطيع أي حكومات أن تستوعب أعداد المصابين جراء تفشي هذا الفايروس, حيث تكون الأعداد في تصاعدٍ شديد وزيادة مطردة في الإصابات, فضلًا عن الإنهاك الحاصل في الأطقم الطبية التي تتعامل مع الحالات التي في الحجر الصحي لدى الدولة, وحدوث ندرة في الأماكن المتاحة لدخول مرضى جدد.
ولا يخفى على أحد أننا في أغلبنا بمصر, لم نقم بواجبنا نحو الاحتياطات الوقائية والتزام الوسائل المعلنة من وزارة الصحة المصرية, ومن منظمة الصحة العالمية, من التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات وغسل الأيدي بشكل جيد وعدم التصافح وغير ذلك مما تم إعلانه بقوة, ولم يُعِره للأسف الكثيرين أي اهتمام.
ونتيجة لتزايد أعداد المصابية, كان من الطبيعي أن تدخل البلاد إلى مرحلة عزل الحالات التي ثبتت إصابتها في أماكنها بالبيوت, طبقا لاشتراطات البروتوكولات الطبية التي حددتها منظمة الصحة تبعا لدرجة خطورة حالة الإصابة,
وبالتالي ينتج عن ذلك أن هناك عددًا كبيرًا سيكون مصابًا لكنه لا يحتاج للحجر في المستشفيات, وسيكون لزامًا هؤلاء المرضى أن يلتزموا منازلهم لتلقي العلاجات في حالة عزل منزلي.
ومما لاشك فيه أن وجود المصابين في منازلهم والتزامهم بذلك, هو أمر حتمي تفرضه الأسس الصحية والاشتراطات الطبية, وتجبرنا عليه الأخلاقيات الإنسانية التي من شأنها أن تجعل الإنسان من نفسه على نفسه رقيب.
إلا وأنه للأسف يحدث أحيانًا من البعض, أن يكسر المريض حالة الحجر المفروضة عليه, ويقوم بالنزول إلى الأسواق ويجمع المستلزمات ويحتك بالناس في مجتمعه الصغير من حوله, في منظومة شديدة الأنانية باعتبار أنه قادر على الحركة والتجول حين تكون الأعراض لديه ليست بالشديدة, رغم أنه قد تم إعلامه بأنه مصاب.
وفي هذه الحالة نذكر هؤلاء بأن ما قد يتسببون فيه من أذى لغيرهم ممن هم حولهم سيكون له أسوأ الأثر في تفشي الوباء أكثر مما هو عليه, وأن فعلتهم المشينة تؤدي إلى هدم كل جهود الدولة التي تكرسها للحد من تفشي هذا الوباء وتدمر كل تقدم نحو الوصول إلى المنحنى الصفري الذي نطمع أن نصل إليه سريعا بإذن الله.
فضلًا عن أنهم بتحركهم بين الناس, سيشكلون عدوى متحركة ومتنقلة تنفجر لتؤدي إلى نتائج سيئة بسبب أن الذي يتعامل معهم لا يعلم بانهم مصابون بالفايروس, فيقومون بمخالطتهم باطمئنان –رغم أن هذا خطأ حتى مع السليم- فيتعاملون معهم, ويصابون ويسهمون في زيادة المتوالية الهندسية المَرَضيّة المنتشرة بالبلاد.
وأهيب بوزارة الصحة المصرية, أن تنتبه لتلك الحالة المتفلتة من بعض المصابين, ووضع أسس المتابعة والمراقبة عليهم بشكل إلكتروني, كما يحدث في بعض الدول من ارتداء "ساعة" تحدد موقع المريض الذي يجب عليه الحجر في المنزل, ولا تترك المرضى إلى ضميرهم الشخصي, بل متابعتهم إلكترونيا بشكل أو بآخر.
وأنبه هؤلاء, بأنهم مساءلون يومًا ما عن صحة كل من حولهم, وكل من يحتكون بهم, أمام الله, وأذكرهم بأنه كما تدين تدان, وما يقومون به من تسيب وإضرار بالناس يتعارض مع أبسط قواعد الإنسانية, ولا يعبر إلا عن سقوط الضمير الإنساني لديهم, بل وسقوطهم في مزالق التعدي على المجتمع والناس مما لن يغفره لهم وطنهم ومجتمعهم الذي هم فيه يعيشون.