تحدث كثيرًا وللأسف بشكلٍ متكرر كوارث ومصائب شديدة، تحزننا وتدمينا مما يقع على أرض الوطن،
ونتابع الكثير من الأصوات التي تتعالى وتطالب بلوم الوزير المسئول عن الوزارة التي تتعلق بها تلك الكوارث، وأحيانًا تعلو بعض الأصوات بضرورة إقالة الوزير،
ونجد التقريع اللاذع الذي يصبونه صبًا فوق رأس الوزير، وبخاصة إذا كان وزيرًا ناجحًا منجزًا يحقق نسب إنجاز عالية، ونشيطًا يحقق انضباطًا قويًا في مجال عمله بوزارته.
وفي الحقيقة، فإن تلك الكوارث تجعلنا نتحرك عاطفيًا ضد كل من له علاقه بها، وللأسف فإننا كمجتمع نتوافق مع من يقودون تلك الحملات العاطفية في بداية وقوع الكارثة، بحيث لو أشارت أصابع الاتهام فيها إلى مسئولٍ ما، نجد أن الجميع ينساق وراء هذا الاتهام، كما لو كان حكمًا من الأحكام القضائية النهائية.
لكن الأمر يحتاج إلى تروي وتحليل وتدارس للحادثة، لمعرفة المسئول الحقيقي عنها، حتى يمكن الوصول إلى معالجة هذه الحوادث المفجعة، وتفادي تكرارها ووقوعها في المستقبل،
وهذا مثلما وقع بالأمس في حادثة الطريق الإقليمي، والتي راح ضحيتها 19 شخصًا، منهم 18 من بناتنا صغيرات السن، مما يجعل الحادث أكثر فداحه، حيث فقدت أسرًا كثيرة فلذات أكبادها الصغار في يومٍ واحد،
والذي أود التركيز عليه هنا هو أن الوزير مسئولٌ بلا شك، لكنها مسئولية سياسية وليست تنفيذية، لكنه أيضًا مسئول عن متابعة التنفيذيين الذين في وزارته ولا شك، وذلك بتطبيق مبدأ الثواب والعقاب بشكل علني وواضح وصريح وبكل شدة، إذا كان هناك أي مسئولية تنفيذية تقع على مرؤسيه التنفيذيين،
وهناك أيضًا مسئولية برلمانية تقع على كاهل مشرعي القوانين، بحيث يجب تغليظ العقوبات على المتسيب والمهمل من المسئولين أو الأفراد المستخدمين لتلك الطرق، حيث أن هناك مسئولية مباشرة أيضًا تقع على مستخدمي الطرق والمحاور السريعة التي تم تنفيذها لتسهيل الوصول بين المحافظات، وتكبدت الدولة فيها المليارات لتحسين جودة التنقل، لكن نجد البعض من السائقين المهملين ممن يتعاطون المخدرات، وأيضًا من المتسيبين من أصحاب مركبات النقل الثقيل وسائل النقل الأخرى، والتي لا يقومون بعمل الصيانة اللازمة لها، ويحدث بسببها الكثير من تلك الكوارث.
والمقصود من كلماتي هو أن نبحث بشكلٍ عميق عن المسئول الحقيقي الذي يجب أن نُقوِّمه ونُصلِحه، وليس فقط الاكتفاء بأن الوزير مسئول فتتم إقالته، أو الاكتفاء بأن تدفع الدولة تعويضات لأسر المتوفين والمصابين، بل يجب أن نضع أيدينا على هؤلاء المسئولين الحقيقيين، ونلزمهم هم بدفع التعويضات الكبيرة مع إيقاف تلك المركبات التالفة، ومنعها من المرور على تلك الطرق، التي لم تُنشأ لكي يفسدها هؤلاء المهملين بتسيبهم، وعدم اكتراثهم على الطريق.