يبدو أن هناك من يتوق إلى الحصول على بعض الجوائز العالمية المعروفة والتي لها وزن وقيمة أدبية ومعنوية كبيرة، ويبدو أن لبعض هذه الجوائز بريقًا يجعل البعض يقود معركة إعلامية للفوز بها، على طريقة التسويق العقاري الذي يحاصر العميل بإعلانات متتالية في الشوارع ليقتنع العميل بأن هناك مشروعًا حقيقيًا تم تنفيذه بالفعل، من كثرة الحملات الإعلامية التي تحاصر الناس.
تمامًا مثل ذلك يفعل البعض، فيُكثر من الزخم الإعلامي ليقنع الناس بأنه هو الأجدر والأحق بجائزة ما.
ولو نظرنا الى الساحة السياسية والمتعلقة بحرب الإبادة والإجرام التي تمت في قطاع غزة، سنجد أن هناك الكثيرين ممن يمكن أن يُرشِّحوا أنفسهم لنيل جائزة نوبل العالمية، وقد نسمع يومًا عن أن رئيس وزراء إسرائيل يُرشح نفسه لنيل هذه الجائزة، تحت دعاوى إعلامية كاذبة ومضللة لكنها متتالية، وإلى أن يقتنع المتابع بأن هذا يستحقها فعلا.
لكن الواقع يكذب تلك الأباطيل والتي يمكن أن يميِّزها ذوي العقول والألباب، إذ أين يذهب شعب قطاع غزة إذا نال هذه الجائزة أحدٌ غيرهم، هذا الشعب الأبيّ الصابر المثابر الذي تمسك بالأرض رغم قسوة الظروف، التي عاشها معهم العالم متفرجًا طوال عامين كاملين -إلا من المساندة المصرية المخلصة القوية والفاعلة - بين قسوة البرد شتاءا وحرارة الشمس صيفًا، دون أن يكَل هذا الشعب أو يَمَل، أو يستسلم لدعاوى الظلم والطغيان وهيمنة القوه والتلويح بالتهجير القسري، هذا الشعب الذي فقد من أبنائه قرابة المئة ألف شهيد، وأصيب من أبنائه أكثر من ذلك بكثير، بخلاف ما خسره من الممتلكات العقارية والبُنى التحتية والمنشات العامة، واستمر صابرًا متمسكًا ببقائه على أرضه حتى لو كانت محترقة، بل لم نرَ هذا الشعب ينقسم يومًا على نفسه أو يتعارك -مع أو ضد- بل تماسكوا وتعاونوا وكانوا قوة صلبة ومثابرة.
لو كان الأمر بيدي لوهبت جائزة "نوبل" للسلام إلى هذا الشعب العظيم الذي لا يملك من حطام الدنيا شيء إلا كرامته واعتزازه بأرضه ووطنه، ولم يخشَ الإرهاب من مجرمي الحرب المعتدين، ورفض كل الإغراءات المادية التي لوحوا لهم بها،
إن العالم اليوم مطالب بأن يقف وقفه لإصلاح ما تم تدميره من قيم إنسانية وأعراف دولية، تم اجتثاثها خلال سنتين في حرب الإبادة بغزة، وذلك بأن نرى جائزة ما، توهب للغزاويين إيمانًا من العالم بأن القيم الإنسانية هي الأبقى، وأن الأعمال الإجرامية لا تدوم، بل إن مثواها يكون دومًا في ساحات المحاكم الدولية، وتجريمها في كل كتابات التاريخ.