قرأت مدونًة لكاتٍب مرموق، يشرح فيها كيف أن الدنيا ليست دار سعادة، وأن السعادة ليست في المال ولا الأبناء ولا المناصب ولا السفر ولا الهوايات ولا ولا، وأخذ يعدد نفي كون السعادة في متع الحياة لأنها زائلة، وأن لا سعادة إلا في الروحانيات والاتصال بالله تعالى،
لا أعترض على أن السعادة بالفعل تكمن في الاتصال الروحي بالخالق سبحانه وتعالى، فهو الذي خلق وأبدع ونفخ فينا من روحه، ولاشك في وجود الطمأنينة والراحة النفسية في القرب منه سبحانه.
لكن المدونة المذكورة، أغفلت أن الإنسان هو الذي يصنع قدَرَه -فيما عليه فيه مسئولية- فشعوب الغرب مثلًا أكثر سعادة من شعوب بلادنا العربية، رغم أنهم بعيدون عن الروحانيات، ذلك لأنهم توصلوا للوعي بقوانين كونية كثيرة، أنزلها الله في الكون ليُحقق الناس بها الفوز والنجاحات والسعادة، وعلى الناس الاجتهاد للتوافق معها لتنطبق عليهم.
ورغم أنهم هناك لا يتصلون بالله كثيرًا، إلا أنهم آمنوا بقوانينه الكونية، التي تعرفوا عليها من خلال العلوم الإنسانية والتجريبية لديهم،
والتي أوصلتهم الى الفوز، الانتصارات، النجاحات، وتحقيق الأهداف وبالتالي السعادة بكل ذلك، ولا نغفل بالطبع أن السعادة في كمالها تكون في الرضا بما نمتلك، لكننا هنا نناقش كيفية الوصول إلى هذا الامتلاك.
نحن لا نستطيع أن ننكر أنه في امتلاك المال سعادة وفي كثرة الممتلكات سعادة وأن في السفر سعادة وأن في المنصب سعادة وأن في الجاه سعادة وغير ذلك من زينه الحياه -التي لم يُحرِّمها الله- أن بها سعادة.
لكن للوصول إلى هذه المتع الحياتيه -والتي تؤدي إلى السعادة- علينا التعرف على هذه القوانين الكونية، التي من خصائصها أنها مستمرة لا تتوقف، ولا تجامل أحدًا، ولا تتغير عبر السنين والأزمان، وهي أقوى من أي شيء بدنيانا، ومن خلالها نصل إلى متع الحياة، التي بالتالي تؤدي إلى السعادة.
وهذا الذي فعله الغرب تمامًا ووصلوا به إلى تحقيق الأهداف عبر هذه القوانين، ومن الغريب العجيب أننا هنا في الشرق نتخالف تمامًا مع تلك القوانين الكونية بشكل مباشر وحاد، ثم نجلس بجانبها ننعي أنفسنا ونتساءل: ما سبب تراجعنا الحضاري وما سبب انتكاساتنا،؟ ولماذا نحن لسنا مثل الغرب في السعادة بامتلاك مقدرات الحياة، لدرجة أن البعض يغالي ويتهم الانتماء للدين بأنه سبب التراجع.
لكن الإجابة المباشرة والصائبة تكمن في أننا نأبى أن ننتصر، ونُعرِض عن أن ننجح أو أن يكون لنا مكاسب وأهداف نحققها، وهذا بسبب أننا نأبى تدارس وتعلم تلك القوانين الكونية -التي ذكرتها بالتفصيل في بعض مقالاتي الأسبوعية السابقة- ولا نريد أن نتماشى معها أو أن نطبقها، تمامًا كمن يأبى الفوز لأنه يصر على السير في طريق الفقد والخسارة.





































