لم يكن هناك أكبر من الأمن والأمان في منظومة الفضل الذي بينه الله في قرآنه الكريم على المجتمع في مكة المكرمة, حين قال تعالى: " وآمنهم من خوف " صدق الله العظيم.
وفي حياتنا المعاصرة نلحظ اليوم هذا المطلب كثيرًا بين شعوب الدول عامة, وفي دولنا العربية خاصة, والتي تهاوت بفعل فاعلٍ ووقعت تحت براثن المؤامرات وويلات التحارب الداخلي بفعل عوامل خارجية معروفة.
ولاشك بأن ما ينطبق على الأوطان هو نفسه ينطبق على كل الكيانات والمؤسسات العامة التي تكون مملوكة لفئة من الأعضاء يتشاركون فيها بوضع سياسات واستراتيجيات إدارة هذه الكيانات العامة, والتي تخضع لنفس فكرة أهمية استقرار إداراتها وأهمية وجود التوازن فيها وعدم حدوث أي صراعات بين أعضائها مما يؤدي إلى وقف التنمية والتطوير بتلك الكيانات.
لكننا نجد فكرة قد سيطرت على الأعضاء في أغلب تلك الكيانات التي أراها نموذجا مصغرًا من الوطن, وهي فكرة فرض رؤية بعض الأعضاء على إدارة تلك الكيانات, فإذا لم يتم الأخذ بمرئياتهم نلحظ الهجوم والتعدي والإتهام أحيانا, مما ينحو بالجميع إلى مزالق الصراع والتعارك على بعض الرؤى والتوجهات الإدارية,
و يقوم من يعترض باستخدام الأدوات النقدية, مختلطةً بالإساءة والتهكم والتعدي, وهو بذلك يجعل الذي يدير في بؤرة رفض نقده ومعارضته, وبالتالي يخرج علينا المعترضين بأن الإدارات ترفض رؤاهم ولا تعيرهم انتباها, في تغافلٍ تام عن كيفية تقديم النقد, وكيفية صياغته التي قدمها به, مما أدى إلى رفض نقده.
إن إشكالية الاعتراض على الإدارة بشكل يشوبه التعدي, وبالتالي رفض الإدارات لتلك الاعتراضات وما ينتج عنه من الشعور برثاء النفس والمظلومية, لإشكالية يجب حلها, لانها السبب المباشر في حدوث الصراعات التي تؤدي إلى عدم استقرار إدارات الكيانات والمؤسسات العامة والأهلية.
ويجب على كل مؤسسات الدولة التكاتف في ذلك لتقديم التعليم والتدريب للأجيال الناشئة, وتقويم فكرة النقد والاعتراض لدى الصغار, حتى يترعرع هذا النشء في ظل مفاهيم قبول النقد, لكنه النقد الذي ليس مختلطا بمزالق التهكم والاتهامات المرسلة أوالإساءات المتوالية.