كان
للمفاجأه المزعجه وقع الصاعقه على رأسها , ثم شعرت بحنق شديد داخلها لهذه المفاجأه المزعجه وقالت محدثة نفسها : يبا لهذا الرجل أكلما ذهبت إلى أى مكان وجدته أمامى ؟ هل أصبح قدر لى أن يكون هذا الشخص هو رئيسها المباشر !! يبدو أنها لم تستطع أن تخفى ضيقها و إنزعاجها هذه المره حتى إن حنان سألتها فى دهشه : ما كل هذا الإنزعاج الذى يبدو على وجهك إن الباشمهندس حازم إنسان لطيف ونشيط , ثم غمزت بعينيها فى خبث قائله : ثم إنه وسيم وكلامه عذب حتى إنه فارس أحلام الكثير من فتيات هذه الشركه .
تمتمت بصوت خفيض : إذا لهذا السبب يعتريه كل هذا الغرور مادام هناك فتيات ساذجات ينبهرن بذلك الديك المنفوش .
قالت حنان : هل قلت شيئا ؟
إنتبهت قائله : لا . . لا شئ , سأذهب لأسلمه المظروف .
إستدارت إليه فوجدته إليها فى جرأه وكأنه يلتهمها بعينيه وقد إستعاد إبتسامته الساخره المستفزه فتماسكت وسارت إليه رغم أنفها قائله : معذرة . . لم أكن أعلم أنك رئيس القسم ومدت إليه المظروف , فتناوله منها فى بساطه قائلا : إنك هكذا دائما لا تعطى نفسك الفرصه لكى تفهمى ., لم يمنحها فرصه للتعليق فقال سريعا : تعالى ورائى إلى المكتب .
وقف وسط الحجره أمامها يمسك المظروف ويفضه وهو ينظر إليها برهه من الوقت شعرت خلالها أنها لا تحتمل نظراته الثاقبه هذه , وأستدار خلف مكتبه وجلس وهو ينقل بصره بينها وبين الأوراق ,
ثم قال : أسمك علا محمد إبراهيم ؟
قالت فى إقتضاب : نعم .
قال : أسمك جميل مثلك ولو إننى لا أرى برغم كل شئ ما هو فى مثل جمالك .
قالت فى هدوء : هل من المفترض على أن أسمع هذا الكلام وأتحمله لمجرد أنك رئيسى فى العمل أو أنى أريد عملا .
قال : أهذا ردك على عبارة مجامله أنت إنسانه غريبه جدا !!
قالت فى تحد : وماذا كنت تنتظر منى أن أسقط مغشيا على عند سماعى كلماتك من فرط السعاده ؟ !!
أغضبه كلامها فصاح : هل نسيت نفسك إنك تعملين فى شركتى .
أستمرت فى تحديها قائله : أولا أنا لا أعمل فى شركتك بعد , وثانيا إن كان هذا العمل على حساب كرامتى وإحترامى لنفسى فلن أقبله حتى وإن كنت فى أشد الحاجه لهذا العمل بإذنك .
وإستدارت فى غضب وهمت بالخروج , فإستوقفها قائلا بلهجه آمره وبصوت مرتفع : إنتظرى .
تسمرت مكانها ولكنها لم تلتفت إليه , فسار نحوها حتى واجهها وقال : أنا لا أدرى لماذا أسلوبك حاد دائما مع إن مظهرك يوحى بغير ذلك !
قالت : أنا التى لا أدرى لماذا تحاول إثارة غضبى كلما ألتقيت بى ؟!
قال فى دهشه : إثارة غضبك ؟! أنا ؟! لقد حاولت الإعتذار لك أول مره ولم تتقبل إعتذارى , ثم إستدرك قائلا : أعترف أننى كنت عنيفا معكى فى الإختبار ولكنه نتيجه لأسلوبك معى .
قالت : وهل هذا مبرر لأن تنعتنى بأننى غير حسنة المظهر ؟! أنا لا أدرى كيف إبتلعت هذه الإهانه ؟!
إبتسم فى حرج : فى الحقيقه إنى أعتذر لك عن هذا القول فقد كنت لا أقصده , انا قصدت إستفزازك ليس إلا ولم أقصد أبدا جمالك , ثم إقترب منها وهو يغمز بعينيه قائلا : وخاصة إنه لا يوجد فى الدنيا ما هو يساوى نصف جمالك .
همت بأن تصرخ فى وجهه لولا أنه أسرع قائلا : ثم إنك لم تضيعى حقك ونعتينى بالحماقه . . إذا خالصين.
إبتسم لها إبتسامه جذابه . . . لاتدرى لما شعرت معها بشئ من الراحه فإبتسمت بدورها إلا إنها فوجئت به يقول : يا إلهى إنها أجمل إبتسامه رأيتها فى حياتى .
فإنتبهت غاضبه : أرجوك أنا لا أحب هذا الأسلوب .
فتنهد قائلا : حسنا إذا كانت عبارات المجامله تعتبرينها مثيره لغضبك سأغير إسلوبى معك أنا فقط كنت أعاملك كما ينبغى أن يعامل الجنس اللطيف ولكن يبدو أنك لا تنتمى إلى هذا الجنس اللطيف . إتسعت عيناها دهشه وغضبا .
فقال فى لهجة من ينهى الحديث : دعينا من هذا العبث إن عملك هنا فى بنك المعلومات مهم وحساس , فهذا القسم يعتبر الدينامو الذى يحرك الشركه ولذلك يحتاج منك للدقه و التركيز فالمطلوب منك تقرير يومى عن إتصالات الشركات الأخرى وعروض المقاولات وعمل المقايسات لكل عرض يعرض علينا . . هذه هى طبيعة عملك أعتقد أن كلامى مفهوم , يمكنك الإنصراف الأن لبدء عملك الجديد وممارسة حياتك الجديده .
إنصرفت وقد أدهشها طريقته فى تحويل دفة الحديث بهذه السرعه من حديث عابث ليس له قيمه إلى حديث عن طبيعة العمل وكأنه رجل بشخصيتين .
بقى بمفرده فى الحجره وهو لا يدرى لما هذا الشعور الذى يشعره نحوها ؟! لماذا يعاملها هكذا ؟! لماذا لم يطردها عندما ردت عليه بهذه الطريقه ؟! لماذا خشى أن تترك الشركه
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
مرت ثلاثة أسابيع على إستلام علا العمل حازت خلالها على حب وتقدير وإحترام من حولها فكانت رقيقه فى تعاملاتها نشيطه فى عملها وذكيه .
نشأت بينها وبين حنان صداقه حميمه برغم قصر المده التى جمعتها فى العمل فقد كانت حنان إنسانه دمثة الخلق تتمتع بأخلاق وشهامة بنت البلد التى لا تدخر جهدا فى خدمة من يحتاج إلى خدماتها طالما تستطيع ذلك . وهذا ما جعل علا تحبها وتصادقها وتستريح إليها حكت لها عن ظروفها وتحملها مسؤلية أشقائها ووالدتها بعد وفاة والدها وكيف إنها كانت تعمل بالصيف ليل نهار لتوفر نقوده لها ولإخواتها كى يساعد على الحياه بجانب معاش والدها .
كما حكت لها حنان بدورها ظروف حياتها وأنها من أسره بسيطه أيضا والدها موظف بسيط ووالدتها ربة منزل ولها أخت وشقيقان وكل أمل والدها أن يجد زوجان لأبنتيه لا يكلفانه نفقات زواجهما .
قالت لها علا : والدك هذا غريب جدا ومن أين هذا العريس الذى لن يكلفه شيئا فى مثل هذه الظروف الصعبه ؟
ضحكت حنان قائله : دعيه يحلم إن الأحلام تخفف من وطأة الحياه ثم إستدركت قائله : ولكن صدقينى المهم إن الإنسان يجد الحب وبعده كل شئ فى الحياه يهون .
ردت علا : حب ؟! أتعتقدين أنه يوجد حب فى هذه الدنيا أعتقد إنه موجود فقط فى الروايات .
حنان : أنت من يقول هذا ؟! معقول ؟!
علا : وما الغريب فى ذلك ؟
حنان : طباعك كلها تميل إلى الرومانسيه , ثم إنك جميله جمال هادئ رقيق يخطف عقول وقلوب الشباب , دعى هذا الكلام لمن جمالها متواضع مثلى .
علا : الحب الحقيقى لا يهتم بجمال الشكل والمظهر , بل جمال الروح ولو تنافسنا أنا وأنت فى ذلك لكان الفوز من نصيبك عن جداره .
إبتسمت حنان فى إمتنان : أشكرك جدا يا حبيبتى على هذه المجامله الرقيقه وهذا ليس بغريب عنك .
ردت علا فى صدق : أنا لا أجاملك هذه هى الحقيقه إن من يبحث عن زوجه وحبيبه تكون عون له فى الضراء قبل السراء فلن يجد أفضل منك إنك حقيقة إنسانه عظيمه وهذا رأيى فيكى دائما .
أقتربت منها حنان هامسه وهى تنظر ناحية المهندس يوسف بجانب خفى : ليت هذا يكون رأى غيرك . لاحظت علا إختلاسها النظر إلى زميلهما , فرفعت حاجبيها فى دهشه وسعاده قائله : حنان . . أنت ؟!!. . . وأشارت إشاره ذات مغزى , فإبتسمت حنان فى خجل قائله فى همس : نعم ولكن لا حياة لمن تنادى .
أقتربت منها علا قائله فى صوت منخفض : لماذا لم تحاولى لفت نظره إليك ؟أعتفد أن هذا سيكون سهل جدا .
أعتدلت حنان وهى تتجه إلى مكتبها قائله : ياليت ولكن هذا لايفيد , فأنا أعرف شخص يحاول لفت نظر فتاه إلا أنها أيضا لا حياة لمن تنادى .
أحست علا أنها تلمح إلى شئ ما , فقالت : ماذا تقصدين ؟
قالت حنان : ألا تعرفين ماذا أقصد ولا من أقصد ؟
علا : ما هذه الألغاز ؟! من تعنين بكلامك ؟!
حنان : باشمندس حازم وسيادتك .
أتسعت عيناها دهشه ثم أنفجرت ضاحكه مما أثار أشباه المهندس يوسف فقال : ماذا الذى يضحكك هكذا ؟ أضحكونى معكم .
قالت علا : إن حنان تقول نكات هذه الأيام .
مالت إليها حنان وهى تقول : أنا لا أمزح هذه هى الحقيقه إنه دائما يحاول لفت نظرك ولكنك لا تعتبرينه أى إهتمام وأعتقد أنه يحبك .
علا : حب ؟! هذا الشخص لا يعرف الحب كل ما فى الأمر أنه إعتاد أن تسعد الفتيات بنظراته وكلماته ويزعجه أن توجد من هى لاتهتم بكلماته أو نظراته هذا كل ما فى الأمر .
حنان معترضه : أنا أعمل فى الشركه منذ عام ونصف وأعرف المهندس حازم جيدا وأرى أنه يهتم بك إهتمام خاص ولكنك دائما فظه معه . صدقينى جربى معاملته بطبيعتك الرقيقه وستجدينه إنسانا رائعا .
وهنا فتحت حجره المكتب وأطل منها حازم قائلا : باشمهندسه علا تعالى لحظه بعد إذنك ,
عندما دخلت المكتب كان يجلس على الكرسى يطالع ملف أمامه ولا تدرى لماذا كانت عيناها تتفحصانه هذه المره وكأنها تراه لأول مره , أحست أنه شديد الوسامه وجذاب , مهندس ناجح جاد فى عمله إنسان رائع لولا ميله الدائم إلى العبث وربما هذا هو سر جاذبيته .
وبينما هى شارده إذا به يرفع عينيه إليها فجأه ناظرا مباشرة إلى عينيها مما أربكها وأخرجها من شرودها ولمعت شبه إبتسامه ساخره تتراقص على شفتيه وكأنها تعلن عن أنه قد قرأ شيئا مما يدور بداخلها , فأرادت أن تخرج من حالة الإرتباك فرسمت على وجهها الجمود وهى تسأله : تحت أمرك يا أفندم أى خدمه ؟
أمسك الملف وتقدم منها قائلا : أكيد . . أريدك أن تقومى بعمل فليس من المعقول أن أناديكى لكى أستمتع فقط بجمالك الفتان , وضغط على كلمة (فقط) .
رسمت على وجهها الغضب قائله : باشمهندس لو سمحت . . .
قال مقاطعا : آسف آسف . نسيت أنك لا تحبين هذا الكلام وستقولين لى (ثم قال مقلدا صوتها) : هل من المفترض أنى كلما ألقاك أسمع مثل هذا الكلام .
حاولت أن تدارى إبتسامتها , فإقترب منها قائلا فى همس صادق : الله . . أجمل إبتسامه رأيتها فى حياتى .
ثم أضاف بصوت حنون دافئ : صدقينى عندما تبتسمين أشعر أن الدنيا كلها تبتسم فى وجهى .
لا تدرى لما لم تغضبها كلماته ولا لما هذا الشعور الذى دغدغ رغبتها فى إبداء الثوره أو الإعتراض , فأرادت أن تخرج من الموقف كله فقالت : أهذا الملف به عمليه جديده ؟
لم يرد إحراجها أكثر من ذلك , فقال : نعم هذا ملف أبنيه تعليميه وسكنيه فى منطقه معينه وإليك جميع البيانات , أريدك أن تدخليها على الكمبيوتر وتكونى رأى نهائى ثم تعرضينه على . المهم أن تعطى رأى سريع لأن عبدالحميد بك متعجل الرأى فى هذا الموضوع .
علا : سأدرس المشروع وسأعطيك رأى نهائى غدا أو بعد غد على الأكثر بإذنك , أنصرفت من عنده ولا تدرى ماذا حدث لها ؟ شئ ما خفى جذبها إليه برغم تحفظها الشديد على كل تصرفاته وباتت تسأل نفسها أهذا بالفعل كلمات حنان وهل هذا معقول أن تقول لها زميلتها فلان يحبك ومهتم بك فتحبه فورا ؟
هذا غير معقول . . هى لا تنكر أنه لفت نظرها منذ أول لحظه قابلته فيها برغم غضبها منه ولا تنكر أيضا أنها تشعر فيه بالحنان والرجوله برغم ما يبدو عليه أحيانا من العبث . ولكن هل هو ميلاد حب أم أنه شعور عابث عابر فى حياتها سينتهى بمجرد أن ينتهى الموضوع كله من رأسها ؟ لا تدرى ؟ !
قالت وكأنها تحدث نفسها بصوت عال : دعك من هذا ياعلا وألتفتى إلى عملك أفضل فما هو إلا مجرد تأثر بكلام حنان ليس إلا . . .
ثم أنكبت على الملف ترسه فى نشاط
ملقيه الموضوع كله وراء ظهرها
وإلى اللقاء فى الحلقه القادمه