جاء صوتها عبر الهاتف متخطيا السنوات الطوال التي فرقت بينهما ... جعلها هي الأخرى تشحذ ذاكرتها وتعتصر عفلها وقلبها عصرا .. حتى ينتفض عنهما الغبار وتنفتح لها مغالق السرداب القديم الكامن بين جوانحها لتمر عبر ممره الضيق لتتنسم عبير الأيام الخوالي ...
ظلت هي عبر الهاتف تذكرها وتسترجع معها الأيام الجميلة والذكريات العطرة وهي تصغي لها في شرود مستسلمة لهذا المس السحري الذي لمس كيانها وانتزعها من حاضرها لينقلها لماضي كان مستكينا بين الضلوع ....
استمرا في سرد الذكريات وأنهيا المكالمة على وعد بلقاء قريب ..
وحينما جاء يوم التلاقي ارتقت السلم في خطوات متثاقلة , رغبة أو رهبة أو ماذا ... ظلت ترتقي السلم وهي تتذكرها .. كم كانت حلوة الحديث ويبدو أنها مازالت .. فمن خلال محادثتها لم تكن فقدت روحها المرحة بعد .. قالت في نفسها : بالتأكيد مازالت جميلة نضرة كما هي ....
طرقت الباب ..
استقبلتها الخادمة .... "المدام جاية حالا" .................
و ............................................... سمعت طرقات على الأرض في شكل منتظم ... استغربت .. ما هذا الصوت .. وسرعان ما تجلى لها هذا الصوت حينما ظهرت عصى خشبية على باب الحجرة تمسك بها يد معروقة وهي ترتجف وتقول صاحبتهما في سعادة " أنا مش مصدقة اني شفتك تاني" .... و ... أسقط في يدها ..
ويبدو أنه كان رد الفعل جليا في وجهها حتى أن صديقتها كفت عن الابتسامة وقالت : أغريب شكلي لهذه الدرجة؟؟؟
أجابت الثانية في شرود : بل انني لم أكن أعرف أنني كبرت لهذه الدرجة الا حينما رأيتك