أتى يوم زفاف شيرين كانت كالملاك الرقيق فى ثوبها الأبيض وكان هو سعيدا جدا لسعاده أخته، فقد كان يعلم مدى حبها لصلاح ومدى حب صلاح لها منذ أن كانا فى السنه الأولى من كليه الطب اتجه إلى شقيقته وزوجها قائلا : ألف مبارك شقيقتى الحبيبه .. ألف مبارك يا دكتور صلاح
إبتسم صلاح قائلا: أشكرك هيا تشجع وتزوج انت أيضا حتى تكتمل فرحتنا .
إبتسم إبتسامه باهته قائلا : كل شئ بإذن الله تعالى
أنصرف يرحب بالمدعويين كان سعيدا لسعاده أخته وكان حزينا لفراقها ، فقد كانت الصدر الحنون الوحيد له فى هذه الدنيا كانت تخفف عنه آلامه وهى تشمله بعطفها وحنانها الذى يذكره بحنان والدته وخاصه وإنها ورثت ملامح كثيره من والدتها هذا إلى جانب الطيبه والحنان كم سيفتقدها وشعر انه يتيم وكأنه طفل ستتركه أمه وترحل ، كان برغم ما تحمله ملامحه من رجوله وما تحمله نفسه من أخلاق الفارس من الشهامه وقوه الشخصيه ودماثه الخلق إلا أنه كان يحمل بين ضلوعه قلب طفل صغير يطوق دائما إلى الحنان ، ربما يرجع هذا إلى فقده أمه ونشأته فى يتم وحرمان أو ربما يرجع هذا إلى طبيعته الرومانسيه
ظل يتنقل بين المدعويين جتى آتاه عامل الفندق قائلا : يريدون سيادتك للإتمام على البوفيه ، قال : سآتى على الفور
أستأذن ممن كان يقف معهم و إتجه مسرعا إلى الباب فإصطدم بفتاه ونظر إليها متمتما ببغض عبارات الأعتذار ولكنه صمت بمجرد أن التقت عينيه بعينيها ، فقد رأى أمامه أرق فتاه رآها فى حياته لم تكن ملكه جمال ولكنها كانت تحمل وجها بريئا جذابا ما إن تراه العين حتى تشعر النفس بالراحه والأطمئنان
صمت ولم يستطع أن يكمل عباره الأعتذار وكأن لسانه قد وقف صامتا أمام هذا الجمال الملائكى البرئ ظل يحدق فيها حتى قالت هى فى شئ من الحرج وبصوت عذب : آسفه .. قال لها وهو مأخوذ بملائكيتها : أنا الذى يتعين عليه أن يعتذر فقد كنت أنظر خلفى وأنا أخرج مندفعا أعذرينى
إبتسمت إبتسامه جذابه قائله : لا عليك لم يحدث شئ إسمح لى .. تركته وإنصرفت وظل واقفا مكانه وهو يتابعها بنظراته وهى تنصرف
أشار إلى النادل الذى يحمل أكواب العصير وقدم لها كوبا على المائده التى كانت تجلس إليها على سبيل التحيه ، ثم سألها قائلا : حضرتك زميله لشيرين فى المستشفى إبتسمت وهى تقول : لا اننا زملاء دراسه فى المرحلتين الإعداديه والثانويه ولكنها ألتحقت بكليه الطب وأنا بكليه اللغات والترجمه ولكننا ما زلنا صديقتين
ظل ينظر إليها فى إعجاب مأخوذا بجمالها وقال : ولكنى اشعر أننى رأيتك من قبل .
قالت فى بساطه : ربما ، فأنا أسكن فى الشارع الخلفى لمنزلكم .
لم يجد ما يقوله فتنحنح فى حرج وإستأذن منها وإنصرف وهو لا يدرى ما هذه القوه المغناطيسيه التى تجذبه إلى تلك الفتاه ، إنه حتى لا يعرف إسمها وتعجب من نفسه كيف لم يسألها عن إسمها ، لقد غتنته برقتها وعذوبتها حتى إنه نسى أن يسألها عن إسمها ولكنه أراد أن يعرف عنها كل شئ ولن يمنحه تلك المعلومات سوى شقيقته فتوجه إليها وأخرج من جيبه تذكرتين طائره وأعطاها إياها قائلا : هذه هديه زواجك تذكرتان للندن ، لقد حجزت لكما فى فندق هناك لقضاء شهر العسل .
تناولت منه التذكرتين مهلله : لا أعلم كيف أشكرك ، قال له صلاح : لقد فعلت معنا الكثير ، لا أدرى كيف أرد لك صنيعك معنا .
قال : بأن تصون شيرين وتحافظ عليها فهى أغلى شئ فى حياتى .
إلتفت هشام إلى شيرين سائلا وكأن الأمر لايعنيه : بالمناسبه تلك الفتاه التى تجلس على المائده يخيل إلى أننى رأيتها قبل ذلك .
نظرت إلى حيث أشار وقالت : آه .. تقصد نسمه .
ردد فى نفسه : نسمه !! ياله من إسم إنها فعلا إسم على مسمى .
قالت : هى جارتنا إبنة الأستاذ مختار رأفت المحامى الذى يسكن فى منزل فى الشارع الخلفى لمنزلنا ، ثم غمزت بعينيها خبث : لماذا تسأل عنها ، هل أعجبتك ؟
ردد وكأنه ينهى إتهاما عن نفسه : لا ليس لسؤالى علاقه بالإعجاب أنا فقط أشبه عليها ..بإذنك .. وإنصرف مسرعا قبل أن يفتضح أمره ويظهر إهتمامه بها ، فى حين قال لها صلاح ضاحكا : يبدو أن كيوبيد قد ألقى بسهامه فى قلب أخيك .
قالت : ليته يكون كذلك فعلا ، فإنى قلقة عليه ونسمه إنسانه رائعه .
صلاح : أتعلمين إننى أحيانا كثيره أغار من حبك لشقيقك .
نظرت إليه فى دلال قائله : ألهذا الحد تحبنى ؟
أجابها فى دهشه مصطنعه : أى حد هذا ، أنا لا أعرف حدا لحبى فكيف عرفت هذا الحد !
رددت فى خجل : كفاك مزاحا .
قال لها فى حب : أنا لا أمزح أنا أحبك حب ليس له حدود ، وأتمنى من الله سبحانه وتعالى أن أجعل أيامك كلها سعاده .
إنتهى حفل الزفاف وعاد هشام إلى المنزل وكم أحس أنه خاويا ، موحش ، لقد كانت شيرين هى من تؤنس حياته وتملأ المنزل بطفولتها بهجه وسعاده ،
ولكنه للعجب لم يكن يشعر بذلك الحزن العميق بداخله الذى كان يلازمه دائما مع إنه كان من المفروض أن يزداد اليوم بغياب شيرين ، ولكنه على العكس كان يشعر بشعور داخلى خفى جميل ، شعور بالسعاده الداخليه لا يعرف سببه .. بل هو يعرفه جيدا ، سببه هو نسمه .. النسمه التى رفرفت على قلبه حتى أبدلت كل شئ بداخله جعلت كل شئ لذيذ وجميل ، لقد أصبح منجذب إليها بقوه مغناطيسيه رقيقه تشده إليها فى نعومه حتى أصبح أسير تلك الرقه والعذوبه التى لم يشعر بها تجاه أى إنسانه من قبل ، هل يعقل أن يكون قد أحبها ....
نهض ينظر إلى صورته فى المرآه وهو يقول فى نفسه : أفق يا هشام ما هذا الإندفاع الذى أنت فيه – ألن تتعلم من تجاربك أبدا ، ألا يكفيك ما لاقيته من جراح وآلام من الحب ، إنك لن تستطيع تحمل جراح أخرى ، ثم ما تلك مشاعر المراهقين .... كيف تندفع هكذا كمراهق لمجرد رؤية فتاه حتى ولو كانت أجمل نساء الأرض ، ثم عاد ليقول لنفسه : نعم هذا أفضل ، ثم إتجه لفراشه لينام .
مر على زفاف شقيقته إسبوعا كاملا وكان يجلس فى مكتبه بعد إنصراف الموظفين ونظر إلى ساعته كانت الخامسه ، ولم يجد لديه رغبه فى العوده إلى المنزل فى فترة الراحه هذه فقرر الذهاب للتنزه على كورنيش النيل وتناول غذائه فى المطعم العائم .
سار على كورنيش النيل شاردا يتنسم من هواء النيل ويملأ به صدره العليل حتى وصل إلى المطعم وأثناء دخوله كاد أن يصطدم بفتاه وعندما هم بالإعتذار .. إحتبس الكلام على لسانه فقد كانت مغادره الكازينو ، إبتسمت إبتسامه رقيقه قائله فى سعاده أو هكذا خيل إليه : باشمهندس هشام ! أهلا وسهلا مره أخرى كدت أن أصطدم بك .
قال لها وهو مأخوذ من أثر المفاجأه : لا عليك أنا إصطدمت بك مره وأنت إصطدمت بى مره أصبحنا متعادلين .
ضحكت قائله : نعم أصبحنا متعادلين .
سألها قائلا : واضح إنك كنت متعجله ، لابد أن وراءك عمل .
قالت فى براءه : أنا لاأعمل ، لم أجد فرصة عمل مع الأسف حتى الآن .
قال لها سريعا وقد وجدها فرصه : أمعقول هذا ، إنه إذا من حسن حظى ، فأنا كنت أريد موظفين فى قسم الترجمه وكنت أتصور أنك تعملين لذلك لم أعرض عليك العمل .
تهلل وجهها بالفرح وقالت : أصحيح هذا الكلام ؟ هل لى عمل لديك أنا غير مصدقه ، إذا متى آتى إلى حضرتك ؟
رد فى سعاده لم يستطع إخفاؤها : فى أى وقت وهذا كارت منى بالعنوان وأرقام الهاتف ، أرجو ألا تتأخرى .
بالرغم من أنه مشهود له بالأناقه والإعتناء بمظهره هذا بالإضافه إلى وسامته المحببه التى وهبها الله له إلا أنه إزداد من إعتنائه بأناقته حتى بدا وكأنه نجم سينيمائى ، حتى أن أم أسماعيل قالت له : ما شاءالله كأنك عريس حماك الله .
قال لها مداعبا : إذا هل تقبلينى زوجا أيتها الحيذبون الجميله ؟
ضحكت قائله : يبدو أنك سعيدا اليوم أسعدك الله دائما يا بنى ورزقك بالزوجه الصالحه التى يفرح بها قلبك وتملأ حياتك هناءا وسرورا .
قال لها : حسنا فأنت تتهربين من تلبية طلب الزواج ، إذا فسأكتفى بتلك الدعوه الجميله وأتوجه إلى عملى فلدى أعمال كثيره اليوم ثم إلتقط حقيبه أوراقه وإتجه إلى الشركه .
ما إن وصل الشركه حتى أخبر سكرتيرته بموعد نسمه ومكث فى مكتبه يترقب موعد حضورها كالليل الذى ينتظر شروق صباحه .
وفى تمام العاشره سمع طرقات على الباب ورآها تدلف إليه ، نهض من خلف مكتبه سريعا ليجيبها بإبتسامه مشرقه قائلا : مرحبا بك لعل العمل معنا يروق لك .
أخجلتها الحفاوه التى قابلها بها فقالت له فى إستحياء أشكرك جدا .. لعلى أنا التى أكون عن حسن ظنك بى .
رد سريعا : أكيد أنا لاأشك فى ذلك ثم إستدرك فى دبلوماسيه حينما أحس بمدى لهفته المفضوحه قائلا :لأنك صديقة شيرين وأنا أعلم أنها تنتقى أصدقائها بعنايه ولذلك أنا أثق فى إختيارها من أنك ستكونين ممتازه .
إزداد خجلها لهذا الإطراء فتمتمت فى حياء : أشكرك جدا .
ظل يتطلع إليها مأخوذا برقتها وعذوبتها حتى أفاق فجأه من نشوته ووجد نفسه محدقا فيها فإرتبك قائلا : ستذهبين مع السكرتيره لترين مكتبك وتتسلمين عملك .
إستأذنت بعد أن شكرته وإنصرفت آخذه قلبه معها ليس قلبه فقط ، بل عقله وكيانه كله وأدرك ساعتها أنه غارق حتى أذنيه فى حب تلك الفتاه وأنه لا فائده من المقاومه .
وإلى اللقاء فى الحلقه الرابعه