إخوتى وأخواتى أعضاء المملكه الكرام
إليكم أول قصه كتبتها فى حياتى
وأول قصه حاولت نشرها وقال لى رئيس دار النشر
إنها غير مشوقه
وأردت اليوم أن أجعل منكم نقاد وسأعرض لكم القصه فى حلقات
ومرحبا بكل نقد يوجه للقصه ولى بالتبعيه
الحلقه الأولى
إستيقظ هشام من نومه فزعا كما هو الحال فى أغلب الأحيان نفس الكابوس المفزع الذى يحمل نفس الذكرى الأليمه تلك الذكرى التى لم تفارق ذاكرته طوال عشرين عاما , ذكرى ذلك الحادث الأليم الذى على أثره فقد والدته أعز شئ فى حياته ما زال نفس المشهد محفورا فى ذاكرته حتى شوهت كل شئ جميل تحمله , جعله لا يتذوق طعم السعاده الكامله كما يحسها الآخرون .
إحساسه بمسؤليته عن الحادث ومسئوليته عن حرمانه من حنان الأم طوال هذه السنين جعله إنسان إنطوائى منغلق على نفسه وعلى أحزانه برغم أن أكثر من تعاملوا معه وإقتربوا منه أحسوا كم هو إنسان رقيق المشاعر مرهف الحس حنون بقدر ما بداخله من عذاب .
جلس على الفراش وأسند رأسه إلى الخلف وهو يتطلع إلى سقف الحجره وكأنه يتطلع إلى شاشة سينما يعرض عليها مشهد مأساة حياته .
العرق يتصبب جبينه والشريط يعرض أمامه حتى يصل إلى مشهد والدته وهى ملقاه على الأرض ووالده يحاول إنقاذها بلا فائده , فيهب من فوق الفراش كالملسوع قائلا لنفسه : أليس لهذا العذاب من نهايه ليتنى أفقد هذه الذكرى اللعينه حتى أستريح , ويلتفت إلى الصوره التى بجوار فراشه , فيطل من عينيه مزيج عجيب من الحنان واللهفه والإحتياج فقد كانت صورتها . . . صورة سلوى . . . الحب الوحيد الذى إقتحم حياته الخاويه أمسك بالصوره كالغريق الذى يتشبث بطوق النجاه الذى يخرجه من بحر أحزانه , كان ينظر إليها باحثا عن شط أمان يمنحه الراحه والحنان الذى إفتقده منذ زمن بعيد .
أخرجه من حالة الشرود التى هو عليها صوت طرقات على باب حجرته , فإنتبه قائلا : من بالباب ؟ . آتاه صوت رقيق يقول : أنا شيرين .
قال أدخلى يا شيرين . , فتح الباب وظهرت من ورائه شقيقته الرقيقه التى تحمل ملامح والدتها حتى دفئ وحنان عينيها , فقالت فى هدوء وكأنها تخشى ان يعلو صوتها فيزعجه : وجدت حجرتك مضاءه فجئت للإطمئنان عليك .
قال : لا عليكى فقد أصابنى بعض الأرق .
نظرت إليه فى قلق سائله : ما هذا العرق الغزير الذى يتصبب منك ؟! أهو نفس الحلم ؟
أجابها بإيماءه من رأسه .
سألته قائله : لماذا يعود إليك هذا الكابوس ألم ينقطع عنك فتره ؟
قال : بلى ولكنه عاد ليزعجنى كل ليله , وكأنه ذنب سأظل أكفر عنه طيلة حياتى .
إتجهت إليه ووضعت يدها على كتفه فى رفق قائله : لما تحمل نفسك ذنبا لم ترتكبه , , إن كان هناك ذنب فأنا شريكة معك فى هذا الذنب , ألم نكن سويا فى ذلك اليوم المشئوم عندما أبت والدتى رحمها الله أن تخرج من الحمام وهى تحترق خوفا علينا أنا وأنت من الصدمه النفسيه ونحن نراها فى هذا الوضع .
قاطعها قائلا : أرجوكى ياشيرين لا تتحدثى فى هذا الموضوع فأنا أحاول أن أنسى .
لمست كفه فى رفق قائله : معذرة يا شقيقى الحبيب , فأنا فقط قلقة عليك ولا أريد أن أراك تتعذب هكذا من شئ ليس لك ذنب فيه فأنا ليس لى فى هذه الدنيا سواك بعد وفاة والدى رحمه الله منذ ثلاثة أعوام .
إغتصب ضحكه وهو يربت على يديها فى لطف : لا تخشى على يا عزيزتى أنا بخير , ثم أولاها ظهره وهو يستطرد : أتدرى ما مشكلتى . . أننى لا أستطيع أن أنسى ما قالته لأبى عندما سألها وهى تحتضر لماذا لم تخرجى لتستغيثى , فقالت له : إننى خشيت على أطفالى أن يرونى هكذا فيصابوا بالرعب وكان هذا آخر شئ نطقته , إستدارت لتواجهه , فوجدت الدموع تترقرق فى عينيه فرقت له قائله : هكذا الأمهات حنان لا يمكن تصديقه فهون عليك . . . لم تكن فى هذه اللحظه باقل حزنا منه ولكنها كانت تحاول التجلد أمامه لتخفف عنه , فهكذا كان التعامل بينهما فبالرغم من أنها كانت تصغره بعدة أعوام إلا أنها كانت تقوم معه بدور الأم البديله لما ورثته من والدتها من الحنان كما كان يقوم هو بدور الأب .
مسح العبرات التى أفلتت منه رغما عنه وإلتفت إليها محاولا تغيير الموضوع وسألها : ما هى أخبار الدكتور صلاح , هل إنتهى من تجهيز المنزل الذى ستتزوجان فيه .
أدركت أنه يريد الخروج من الموضوع فأجابته قائله : لقد أخبرنى عندما تقابلنا فى المستشفى اليوم أن مهندس الديكور وعده أن يسلمه الشقه فى نهاية هذا الشهر وبعدها إن شاء الله سيأتى إليك ليحدد موعد الزفاف , ثم ضحكت قائله : بمعنى أنه شهر ونصف على الأكثر وتستريح منى .
إحتضنها قائلا : كيف تقولين هذا أنت لا تعلمين من تكونين بالنسبة لى أنا لا أدرى كيف سيكون المنزل بدونك .
أجابته متأثره : أعلم يا اخى الحبيب أطال الله لى فى عمرك , ثم أردفت . بالمناسبه ما أخبار سلوى
رد فى إقتضاب : بخير .
سألته : ألم تحددا موعد خطبتكما بعد ؟
زفر قائلا : نعم . . لا أدرى لماذا لا تأخذ موقف محدد , فساعة أشعر أنها تحبنى وتريدنى وأشعر فى وجودها بالدفئ والحنان , ولكن ساعات كثيره أخرى أشعر أنها لا تشعر بى ليس لها موقف محدد , لا أكذب عليكى أصبحت لا أثق فى حبها لى .
قالت :لما هذه الوساوس فهى تحبك ولكنها فقط ضعيفة الشخصيه بعض الشئ وهذا نظرا للتربيه الشديده التى ربتها عليها والدتها فلم تعتاد إتخاذ القرار .
قال : ها أنت قد وضعت يدك عل بيت القصيد فأنا أحتاج غلى من تعوضنى الحنان الذى أحتاج إليه , إلى من أشعر معها أنها تقاتل الدنيا من أجلى , ولكن سلوى ترفض ان أتقدم لخطبتها قبل ان تخطب شقيقتها الكبرى , وعرضت عليها فقط أن أتقدم إليها حتى يكون وجودى فى حياتها رسميا ولا نتزوج إلا إذا تزوجت شقيقتها ولكنها ترفض لمجرد أنها تخشى أن تغضب عليها أمها وأين أنا من حياة سلوى لا أنا خارجها ولا أنا داخلها , منذ أن قابلتها فى البنك منذ عامين وأنا أشعر أنى كالعصفور المقيد فى حبل يمسك به طفل سادى مجنون , يرسله فيفرح العصفور ويطير ويمسك به مره أخرى فيتألم ولا أدرى إلى متى سأظل هكذا .
أرادت أن تهون عليه قائله : ألتمس لها العذر وحاول أن تقدر ظروفها فهى تحتاجك بقدر ما أنت تحتاج إليها ولابد أن تنصلح الأحوال وتتزوجها .
ثم نهضت قائله : أتركك الآن لتعود إلى النوم حتى تستريح .
قال : شكرا حبيبتى تصبحين على خير .
خرجت وأغلقت الباب خلفها ثم عاد إلى الفراش محاولا النوم .
- - - - - - -- -- - - - - - - - - - - -- - - -- إنتبه من نومه ونظر إلى ساعته فوجدها التاسعه والنصف , فهب وإغتسل سريعا ثم إستبدل ثيابه على عجل وخرج إلى الردهه فقابلته داده أم أسماعيل بإبتسامتها الحنون قائله : صباح الخير يا هشام بك لقد أعددت لك الإفطار .
قال لها معاتبا : لماذا تركتينى أنام كل هذا الوقت .
قالت : لقد طلبت منى دكتوره شيرين أن أتركك تنام وتستريح لأنك كنت متعبا الليله الماضيه . ألست بخير الآن يا بنى ؟
قال : بلى يا داده . . أين شيرين .
قالت : لقد ذهبت مبكرا إلى المستشفى , ألن تتناول إفطارك ؟
قال : لقد تأخرت كثيرا , سأذهب الآن إلى اللقاء .
خرج على عجل تشيعه أم إسماعيل بدعواتها الطيبه الحنون فقد كانت تشعر أنهما أولادها .
دخل هشام الشركه يحمل على وجهه إبتسامه صافيه يحيى بها كل من يقابله من الساعى وحتى أكبر موظف لديه , فهو برغم كل آلامه وعذابه كان ودودا محبا للأخرين , لين فى معاملته مع كل من حوله رقيق الجانب مع كل المحيطين به مما جعل كل من حوله يحملون له كل الحب والتقدير والأحترام .
إنهمك طوال فترة الصباح فى العمل بجد و إجتهاد كما هو دائما منذ أن تحمل مسؤلية الشركات بعد وفاة والده وحتى قبل ذلك منذ تخرجه من كلية التجاره وهو يشغل معظم وقته بالعمل والكد والإجتهاد حتى أصبحت شركات مصطفى عزام أكبر وأنزه الشركات فى سوق رجال الأعمال , كان ينهمك فى العمل متفانيا فيه بجد وإخلاص هاربا بين طياته من شجونه .
دخلت السكرتيره مكتبه قائله : سيادتك تأمرنى بأى شئ قبل أن أذهب ؟
أجاب بصوت مرهق : لا . . فقط لا تتأخرى عن الساعه الخامسه .
قالت : هل ستبقى سيادتك هنا ؟
قال : نعم فلدى بعض الأعمال التى يتعين على أن أنجزها .
قالت : حسنا سأعود فى الخامسه تماما .
خرجت السكرتيره وأسند ظهره إلى الكرسى وتذكر سلوى , كم يشتاق إليها فرفع سماعة الهاتف وإتصل بها فى البنك وما أن آتاه صوتها حتى هتف : سلوى لقد أوحشتنى كثيرا .
ردت بصوتها الناعم : وأنت أيضا .
- أريد أن أراك بعد البنك
شعر بإرتباكها الذى إعتاده كلما طلب منها أى طلب حتى ولو كان بسيطا
أجابته : أنا سوف أغادر البنك وأعتقد أنه صعب أن نتقابل فسوف أتأخر عن موعد عودتى وأمى ستجعلها مشكله
قال فى رجاء : أرجوك يا سلوى أنا أحتاج إليك فعلا وأريد أن أتحدث معكى أتمنى ولو مره أحتاجك وأجدك ، أنت ترفضين أن آتى إليك البنك خشية الأقاويل بالرغم من أننى عميل هناك ولى تعامل دائم مع قسم الإئتمان الذى تعملين فيه بل أنت المسئوله عن ملفات شركاتنا معكم فمن الطبيعى أن يكون بينى وبينك تعامل ومع ذلك ترفضين ، وترفضين حديث الهاتف وترفضين أن آتى لخطبتك وكل هذا الرفض وتقولين أنك تحبيننى فكيف أريد أن أعلم أين أنا منك ومن حياتك
قالت فى إرتباك : حسنا حسنا سألقك بعد البنك ولكن لا تأخرنى هشام : أعدك ألا أؤخرك سأنتظرك بعد نصف ساعه خلف البنك
ذهب إليها فى الموعد وهو يحمل شوق ولهفة الدنيا وعندما رأها قال فى حب صادق : لقد أوحشتنى
إبتسمت فى إرتباك : وأنت أيضا ،
نظر إلى إرتباكها الذى إعتاده من كثرة ما يراه كلما رآها أو حادثها ، كان يسعده هذا الإرتباك فى البدايه لأنه كان يظن أنه نابع من حياءها تجاهه ولكنه إكتشف أنه نابع من خوفها الدائم وضعف شخصيتها فقال : ما كل هذا الإرتباك الذى أراه منك كلما تقابلنا أو تحادثنا إنكى تشعرينى أننى أرتكب جريمه
قالت : وهل هو من الللئق أن نتقابل هكذا خلسه فى الشارع
هشام : ومن السبب فى وضعنا هذا أليست أنت مرارا طلبت منك أن أتقدم لخطبتك وبالتالى حتى لو ذهبت لك البنك سيكون وضع طبيعى ولكنك أنت التى تصرين على هذا الوضع الغريب وأن نكون مثل التلاميذ الذين يتقابلون فى الطرقات من وراء أهليهم
سلوى : هشام . . أنت تعرف ظروفى وقلت لك ألف مره أن ....
قال مقاطعا فى ضجر : كفى كفى لقد مللت تلك الأعذار التى لاأقتنع بها
سلوى : أكلما إلتقينا يدور بيننا نفس الحوار
هشام : سلوى ... أنا أحبك وأنت تحبيننى وظروفى الماديه متيسره والحمدلله فلما كل هذا العذاب لما لانتزوج
سلوى : ثانية ياهشام ألم أقل لك ...
هشام مقاطعا : إذا وبعد أليس للدوامه تلك من نهايه
سلوى وهى تحاول تهدئته : الصبر ياهشام وأوعدك قريبا جدا ستحل هذه المشكله
نظر إليها وهو يحاول أن يصدق وعدها وقال : حسنا ياسلوى سأنتظر ولكن ليس كثيرا قالت : والآن يجب أن أعود إلى المنزل قبل أن تلحظ والدتى تأخرى وتصبح مشكله سلام
وإنطلقت دون سماع أى رد منه