كانت بين اليقظة والنوم حينما وجدت نفسها فجأة قد أصبحت تمتلك جناحين كبيرين .. رقص قلبها فرحا وهي لاتكاد تصدق صارت تتحسسهما وهي تردد في هذيان : هل حقا أصبح لي جناحين .., الآن أستطيع أن افرد جناحي وأعبر بحار الغيوم وأحلق في الفضاء الفسيح ..
وبلهفة فردت جناحيها وهمت كي تطير ولكن وجدت قدميها متسمرتين في الأرض وكأنهما تحولا لحجرين كبيرين .. حاولت وحاولت وحاولت ولكن دون جدوى حتى خارت قواها , فأجهشت في البكاء حتى سمعت صوتا صغيرا يناديها , فرفعت وجهها ولدهشتها رأت أمامها عصفورا صغيرا يسألها في رقة : لم تبكين ؟؟؟
قالت : كنت أظن أنني حين أمتلك جناحين مثلك سأطير , سأهرب من سجن نفسي الذي كبلت فيه مع الأحزان في طوق واحد .. سأنفذ عبر الغيوم التي ألقت بظلالها السواء القاتمة على قلبي .. سأشعر لأول مرة في حياتي أنني مخلوق من حقه أن يحيا ويفرح , وخاصة عندما سمعت من قلبي لأول مرة لحنا مرحا عذبا جميلا غير ألحانه السابقة التي لم تكن سوى آنات متلاحقة .. ولكن ولكن ... ثم احتبست الكلمات في حلقها وعادت للبكاء وهي تقول .. أخبرني أيها العصفور بالله عليك لما لاأستطيع الطيران مثلك ..
تنهد العصفور وهو يقول : لله في خلقه شئون وكل شيء ميسر لما خلق له وليس من حقنا أن نسأل لماذا هذا يطير ولماذا هذا لايطير , ثم سكت برهة وعاد يقول : وإن كنت أرى لو وضعنا لهذا سببا فيمكن أن نقول إنه بسبب تواضع الأحلام فمثلا أنا أخرج في الصباح بعد أن أسبح ربي لاأبغي سوى أن أعود آخر اليوم شبعان وأحمد الله وأشكر فضله وهذه هي أقصى أحلامي ولذلك أنتي أيضا لو ملأت نفسك بالرضا بكل ما قسمه الله لك تنزهت روحك عن كل مباهج الدنيا وترفعت عن كل همومها ولتجدين نفسك تهيم سابحة في ملكوت الله بنفس راضية وقلب مطمئن .. فجناحيك بداخل نفسك .. جربي ولن تندمي .. جربي ولن تندمي .. جربي ولن تندمي , ثم ضرب الهواء بجناحيه وعاد أدراجه من حيث أتى