عندما تحدثت عن ملوي مدينتي وجبت شوارعها لالتقاط الصور ... صادفني ثلاثة شوارع .. أو بصورة أوضح ثلاثة مواقع أحدث بداخلي رؤيتي لهم مجموعة من مشاعر مختلطة .. حنين وفرح وحزن وشجن .. جميعهم على قدر مساواة .. واسمحوا لي أن أتحدث عنهم تباعا .. لأنهم أثاروا بداخلي ما لم استطع تجاهله ونفسي تهفو للحديث عنه
الأول ... شارع ..
هو شارع مثل أي شارع بل يمكن أن يكون أقل من أي شارع ولكنه بالنسبة لي أجمل من أي شارع .. لأنه ببساطة شديدة جدا هو الشارع الذي كنا نلهو فيه أنا وأخي الأصغر مني وأولاد الجيران .. سرت في الشارع وأنا أتذكر كلمات حسين فهمي في فيلم مافيا وقلت في نفسي .. صدق فيما قال بالفعل أنني أهوى هذا المكان بالرغم من أنه ليس أجمل مكان لكنني أحبه وأحبه كما هو .. هنا كنا نلهو ونلعب الاستغماية .. وهنا كنا نتراص بعرض الشارع وكل منا يركب دراجته لندخل في سباق لآخر الشارع (بالطبع الشارع لم يكن مزدحما مثل الآن) .. وأنا أتحدث عن زحام المدن فهو مختلف عن زحام القاهرة .. بمعنى أنه كل ساعتين تعدي سيارة .. بحيث أننا كنا نلعب في وسط الشارع بالساعات دون أن يزعجنا أحد
كان أغلب شارعنا مسيحيين وكانت ومع ذلك لم يكن هذا في الحسبان بالمرة .. كانت الكنيسة بها ملعب للأطفال لألعاب التسالي أمثال الكوتشينة وبنك الحظ والليدو وكان يصطحبنا أولاد الجيران المسيحيين للذهاب معهم واللعب هناك .. والطريف في الموضوع إننا مثل أي أطفال كنا نختلف عندما يغلب أحدنا الآخر وتبقى على وشك خناقة فيأتي القسيس ويصالحنا
تذكرت أيضا رمضان ولياليه الجميلة ومعايدتنا على بعض .. كانت الألفة بين الجيران جميلة وممتعة .. عم جميل والكشك بتاعه ولما كان يبني فرن في رمضان علشان الكنافة .. وعم أسعد اللي كان بواب في عمارة في نفس الشارع وكنا بنحب نقعد معاه علشان يحكيلنا حواديت
والآن
نفس الشارع نفس المكان ولكن ليس الناس هم الناس ولا المشاعر هي المشاعر .. الازدحام والضجيج حول كل شيء لمسخ
خطرت ببالي أغنية حنان
نفس البيوت نفس المكان المدرسة صوت الآدان
هنا كتبنا إسمنا وهنا شقاوة عمرنا
نسيتنا ولا ايه جرى
بالفعل كل شيء اتغير .. كل شيء فقد قيمته .. كل شيء لم يعد كما كان
كل شيء ذهب وترك في القلب حنين .. فقط حنين