يوم هادىء من ايام الخريف .. غيوم تلتف حول المكان ..بعض القشعريرة تسرى فى جسد الرجال .. يقررون متى ستصدر الاوامر .. متى ستصدر الاوامر ..طول انتظار .. بلهفة على صدور القرار .. و لكن القرار بامر مصدريه .. الم يحن بعد الاوان ...الم يحن بعد الاذان .. الله اكبر .. الله اكبر .. ورفع اذان العشاء لهذا اليوم ... و قام الرجال مسلمهم يتراص فى الصفوف لاداء الصلاة .. و مسيحيهم يتجه بعينيه للافق يناجى ربه بالدعاء .. لا فرقة بينهما على الاطلاق .. انتهت الصلاة و صافح المسيحى اخاه المسلم بعبارة نادر ا ما تقال فى الحياة العادية الظروف .. و ليس ظروفهم الحالية .. تقبل الله صلاتكم .. يـاه ما احلى الدعاء .. من اهل الكتاب لاخوانهم .. القاطنون معهم بنفس المكان .. يبدا التسامر بينهم جميعا .. كلهم يغنى على ليل الاخر .. الخندق جمعهم ... و السلاح ضمهم .. و الزى الموحد التبسهم .. و الرمال من اسفلهم تئن من طول الصمود .. سبعة سنوات انين .. سبعة سنوات حنين .. سبعة سنوات فائتين .. من عمر جرجس و محمد و بطرس و حسين .... قسموا ورديه الحراسة فيما بينهم و قاموا .... انقضى الهزيع الاول من الليل .... و بدا انبلاج ووضوح الفجر .. و خرجت عليهم شمس النهار .. مسلميهم صائمون .. و مسيحييهم .. مشاركون .... تحسن طفيف بالطقس فى وضح النهار .. رفع اذان الظهر .. و اديت الصلاة .. و اعقبها الله اكبر الله اكبر .. كانهم احسوا بحدث جلل .. كانهم احسوا بامر كبير .. اخيرا صدرت الاوامر .. اخيرا تم سمع ازيز الطائرات .. اخيرا تم سمع دوى المدافع .. اخيرا تم المراد من رب العباد ... تم العبور الى الناحية الاخرى ... صبر و معاناه ... بعدها حبور و سعادة .... و اثناء الوغى الشديد .. راى بطرس محمد مصابا .... محمد اخويا مصاب .. ناوله زمزمية المياه تعلقه .. رشف الاخير رشفة ماء .. و هدا من شدة الاصابة .. سمع بطرس دوى المدافع يزيد .. رفع اخوه محمد .. و حمله الى مكان امن.. حتى يحتميان .. و سقطت الدانة على المكان .. دوى الانفجار الشديد بينهما .. استشهد الاثنان .. امتزجت الدماء الطاهرة فيما بينهما .. تشابكت اياديهما مع بعضهما .... سلاحهما بين عضديهما .. لم يتخليا عنه .... هل فرقت طلقة المدفع بينهما ... هيهات .. هيهات .. مسلم و مسيحى نسيج وطنى واحد .... لن يتفرقا مهما طال الزمان ومهما واجها الايام.... تذكرة بسيطة رواها لى احد المجندين حال عملى بالامن المركزى عن استشهاد شقيقه مع صديقه بطرس المسيحى .. و هى حقيقية و ليست من وحى الخيال .. تناهت الى مخيلتى وتذكرتها بالرغم من ان راويها ترك العمل معى منذ ما يزيد على الثلاثون عاما ... ايام مصرنا الان .....تجعلنا نتكاتف برويه و هدوء لنعبر الازمة الحالية .... اطلت فى السرد .. لكن الامر جد .. محمود .. الامر جد .. مطلوب .. الامر جد مرغوب ... لعدم الانسياق وراء الشائعات و الروايات .. لاننا بمنعطف خطير .. لا نملك فيه الا الدعاء.. لا نملك فيه الا الرجاء .. لا نملك فيه الا الشفاء من احقادنا على بعضنا البعض .... و احقادنا على الاخرين .....
هدانا الرحمن و اياكم للطريق المستقيم ........
و دائما و ابدا على طول الدهر و الزمان // خير الختام ذكر الحبيب محمد عليه افضل الصلاة و اذكى السلام ********