في مثل هذه الايام منذ ثلاثة واربعين عاما فوجئت بوزارة الصحة بالقاهرة بزميل دراستي الدكتور عبدالمحسن كامل .....وبعد السلام والاحضان سألني عن سبب وجودي
....قلت انتوي السفر خارج الوطن ومن ضمن الاوراق طلبوا شهادة الميلاد معتمدة من الوزارة ومنذ اسبوع احضرتها ولما دخلت للموظف فخيم المنظر مهيب الطلعة وامامه المصحف مفتوح قال تعالي بعد اسبوع
.....تطلع زميلي بنظارته في وجهي وابتسم ! وقال
امعك شهادة اخري؟
خذها وضع اسفلها جنيها (عندما كان الدولار يساوي اثنين وثمانين قرشا)
....حاليا تقبل الله منا ومنكم العزاء فيه
.....ودخلت للرجل المهيب فابتسم قائلا ....من حظك المسئول حضر حالا!
...ومنذ اسبوعين غفوت ومصحفي بين يداي وصحوت فجأة ووضعته بجانبي ونسيت ان اعتذر له
....ثم نمت......ورأيت
.......
...الراقصة لابسة اسود ...امها ماتت وماسكة المصحف وتتقبل التعازي
....معالي المدير يتأبط ذراع مدير الحسابات بعد تجنيب نصف المبلغ المرسل من المحافظة لقرب رمضان لصالح معالي المدير ووزع الباقي في استمارة للموظفين
...ذهب الاثنان لحضور حفل تكريم المدير لترقيته وقدم الموظفون مصحف ضخم في علبته القطيفة وانحني المدير بتواضع وقبل المصحف بشفتين يفور منهما التقوي والورع !
....اقترب شهر رمضان ونقوم بتنفيض وتنظيف المصحف المركون من التراب طول السنة
.....المصحف الموجود في السيارة ...فين يا اولاد ....منعرفش يابابا
.....الحاج عبدالمتجلي جالس علي القهوة القريبة من المحكمة وحاطط المصحف في جيبه ...وشهود الزور عارفين مكانه ويحلفهم علي قول ما يقوله المتهم لهم !
.....الكتب الموجودة علي الرف والمرصوصة في المكتبة فوق المصحف القديم وجلدته مقطوعة !
....توزيع المصاحف في ختمة بالفتة واللحم في ذكري وفاة المعلم محسن الذي مات في السجن مظلوما في قضية مخدرات !!
....حبيبنا الدرويش حاطط المصحف في جيبه ويدخل دورات المياه الخاصة والعامة اصله راجل بتاع ربنا
.....الراجل ما شاء الله طول بعرض وبدلة وكرافتة ومعاه الجرايد والكتب ويقرأها زي الرهوان ....وفي المصحف يطيح بالضمة والكسرة والفتحة وكأن المصحف بالانجليزي !!
......راجل ذمته استك ...ويشتم الناس حتي زوجته واولاده ....وعلي الفيس ماسك المصحف ومواعظه لاتنتهي.....ده راجل طيب !!
.....الدكتور حاطت المصحف علي مكتبه ولسانه رطب وناعم وناقص ياخد المريض بالحضن والكشف فوق طاقة الناس ....حتي اعادة الكشف لا يطاق والمريض يكرر العلاج بنفسه وبمساعدة احد اصدقائه!!
....
وصحوت من نومي ونظرت لمصحفي وقلت له خجلا
اَسف يا سيدي