عزيزتي إيميلدا
هل أنا طيّب القلب كما يُخبرني شيطاني أم خبيث النَفس كما يقول عقلي؟ هل أتوهّم الوِحدة أم أنا وحيد بالفعل؟ هل أنا شخص جيد كما يراني الناس أم سيء جدًا كما أرى أنا!
كم أودّ أن أعترف لكِ, بأنني –في الفترة الأخيرة- قد ارتقيت بنفسي كثيرًا, عزفَت نفسي عن أشياء كثيرة, تخلّيت عن أمور طالما تمنّيتها, لا أعترض ولا أُجادل, لا أصرُخ ولا أتألّم, لا أحزَن ولا أفرَح, حالة ثابتة وموحّدة, شُعور بلا شيء, اعتزلت النقاشات وانعزلت عن التجمُّعات, أحببت الصمت بشدّة, بطريقة رائعة لا يمكن وصفها, ثمّة أمور أتحدث فيها بيني وبين نفسي, بدون شريك أو دخيل, باتت الحياة في نظري شيء ضئيل, رخيصة بلا قيمة ولا تستحق كل هذه النزاعات والصراعات.
كثيرًا ما تحوطني التساؤلات ويُحاصرني الشكّ في ليالي السهر والعُزلة, إذا نِمت أستيقظ باكرًا جداً, أكون متوتّرًا في الصباح, إرتباك يجعلني تائه, لا أفهم مقصد الرسائل المُعلّقة ولذلك لا أجيب عليها, أحتاج لساعات لكي أُرتّب نفسي وأُعيد اكتشاف العالم من حولي, أحاول القراءة, ينقسم رأسي إلى نصفين, نصف يقرأ والنصف الآخر يسرد أحداث رواية تشغلني منذ فترة, أقتبس .. أسرِق .. أتقمّص .. أُقلّد .. أتخيّل .. أقتنص, المهم أن يبقى عقلي مشغولًا عن كراهية الحياة وبعض الملاعين, عن التفكير في مشاكلي وكوارث هذا البلد.
إيميلدا ، كان في رأسي مُجلّدات مِن الكلِمات لكنها تلاشَت، جِبال من التعبيرات والتشبيهات لكنها اختَفَت ، فجأة وجدت عقلي فارغاً.. فارغاً من كل شيء، لذلك سأكتُب لكِ لاحقًا، سأكتُب لكِ رسالة طويلة جدًا، فقط عندما أستعيد ما فقدته ..لكني لا أعلمه، كم أخشىَ أن أفقد المزيد، والمزيد أيضًا ..لا أعرفه.
وداعًا زائِرَتي الوحيدة.