أمطرَت السماء اشتياقًا ولهفة وكُنت قد نسيتُ مِظلَّتي بجانب معطفكِ في القطار, أعوامًا مِن الوحدة والبلل والبرد, والشمس خلف الضباب تأبى الظهور.
على الشاطئ زجاجات فارغة من الرسائل, وتائهون على الصُخور ينتظرون الأجوبة, هل يُجيب الموج يومًا على الأسئلة! متى تنطق الرغبة؟ متى تصرُخ الزهور؟
أعطيتُكِ سنوات السُخرية في مزهرية, وضعت على بابكِ أيام الحيرة في باقة ورود, من أشجار اللقاءات قطفت الوعود, زيَّنت بها الحدائق والمقاهي والمكتبات, وهبتكِ أحلام الصبا والأُمنيات, أنتظرُكِ على ناصية العُمر, حاملًا في قلبي قصائد, وفي يدي قنينة حِبر, متى ستعلنين التمرُّد والخُروج؟
لا تمكُثي طويلًا في المنزل, لا تُطيلي النظر إلى السماء, لا تَقفي في الشُرفة ولا تفتحي النوافذ, الأعاصير شديدة وهائجة, مُحمَّلة بالأترِبة والذكريات, أخاف عليكِ من الاختناق, الطائرات لا تتوقّف عن الطواف, الطيور عجِزَت عن التحليق ونَسيَت الغِناء, وأنا هُنا.. قريبٌ مِنكِ, أحكى التاريخ لِأعمدة الإنارة, أناقش الأرصفة في الفلسفة, وأجمع الروايات الرديئة من البائعين وألقيها في صناديق المهملات, أتمنى أن تظهري قبل أن يُصيبني الملل والفتور, عليكِ أن تأتي قبل موعد الاختفاء والهُروب.