بائع القصص
يبيعها ولا ينساها، يتخلّص منها ولا تتخلّص منه، يتبرّأ منها فتتمسّك به، يطردها فتعود إليه.
في الليل؛ لا ينعم بنوم هادئ، تزوره الشخصيات، تلعنه.. تشنقه.. تطعنه.. تحرقه، تحاكمه على التفريط وتتّهمه بالخيانة، تُعاقبه على فضح أسرارهم وكشف خباياهم، تَقطع رقبته وتُمزّق أشلائه، ثم تلتهمه حيًا وميّتًا.. ونائمًا!
بائع الحُب
يتغنّى بالشعر في المقاهي ويتغزّل في الجميلات، يُنشد ما تيسّر من العِشق وينطق بما يحفظ من الأبيات، لا يشتري منه أحد، لا يستمع إليه سوى القطط الراقدة على الباب؛ تستمع ثم تفرّ للبحث عن الحليب والزاد، يبقى في صمته الصاخب، يُنادي على المارّة ويعرض بضاعته، لا أحد يلتفت.. لا أحد يهتم!
بائع الوهم
ساحر مُتجوّل، يتّبعه التائهون والبائسون، يجلسون أمامه كالأطفال، يضحكون على حركاته ورقصاته كأنه بهلوان، ينثر القمح على رؤوسهم، يُخرج من القبّعة غربان تحوم فوقهم؛ تلتقط البذور وتنقُر الرؤوس، تملأ الدنيا نعيقًا وضجيجًا، ثم تعود لداخل القبّعة.
بائع الوهم ساحر مُحتال، بارعٌ في الغشّ، يطوف الشوارع ليلًا، ينصب الفخاخ لمن يبحثون عن الأمل؛ ومن أنهكتم الحياة!
بائع السعادة
لم يره أحد من قبل، يحكي عنه الأجداد كأنه أسطورة أو خُرافة، يقولون بأنه إنسان جميل ذو أجنحة كبيرة كالملائكة، كان يزور الأرض كل صباح، يُغنّي فيُطرِب الآذان، يرُشّ العطر والألوان، يُلقي البهجة في الطُرقات وعلى النوافذ والشُرفات، يُلاعب الأطفال ويعطف على الكبار، لكنه اختفى؛ اختفى منذ زمن بعيد، رحل دون عودة، غاب بينما الجميع يسعى خلفه؛ لكن بلا جدوى!