كنت في جلسة العلاج الطبيعي أمس، وجدت دوري لم يحن بعد، تذمرت ابنتي، لانها لا تحب تلك الجلسات، وتتمنى أن تنتهي منها سريعا، احتضنتها كي تهدأ، قالت لها جدتها، هانت ياحبيبتي أنتي بطلة، ابتسمت لثناء جدتها، أشرت لطفلة تجلس بالجوار كي تلعب معها، ويمر الوقت، ضاقت نفسي من الحادثة وتتابع الأخبار والروايات عنها، هربت إلى جلسة العلاج حتى أخرج من حزني، هل تستطيع جلسات الكهرباء تلك أن تمحو ذاكرة الحزن، تفرغ مكانه لحزن جديد أو فرح وليد، هل أسأل الطبيب، سيعتبرني جننت بالطبع.
حاولت التنفس ببطء، لابد أن تنفع تلك المحاضرات التي اضيع وقتي عليها..
شردت في وشوش الجالسين، أعينهم زائغة من الهموم، صوت إنذار الأجهزة يرن في الخلفية، ورائحة الساندوتش في يد الطفلة تلوكه بصعوبة مجبرة، فيما بعد فهمت أنها مع أبيها المتذمر بينما تخضع أمها للأجهزة بالداخل، حاولت الاستسلام للوقت، الانفصال من الفكر، الهروب من الأسئلة التي تلتهم عقلي، ابنتي تتألم من قبل الجلسة، تشعر بي وتحاول السيطرة على نفسها، بعد قليل جاءت الممرضة وأخذت ابنتي، دخلت خلفها، أوصلتها بالجهاز، أمسكت يدها،
ربطت عليها، اصطنعت البسمة، التحدث، ثم صمت تام، مرت الجلسة بطيئة، كأن عقارب الساعة في إجازة صيفية على البحر، لا تريد أن تمر وتترك، أستأذنت الممرضة أن تعتني بابنتي مع جدتها التى كانت تصلي بالخارج، وخرجت أبحث عن وسيلة مواصلات نعود بها إلى البيت، قابلت رجل يشبه أبي، أوقفته بقولي، السلام عليكم، مجرد أن سمع صوتي، توقف في الشارع الخالي، والظلام يلفه، وعليكم السلام، أؤمري يابنتي، عايزة ايه، سألته كيف أجد توكتوك هنا، أشار إلى الشارع المجاور القريب، وطلب مني أن يصطحبني إلى هناك، أشفقت على كبر سنه، يبدو أنه عائد من صلاة المغرب بالمسجد، قلت له، ربنا يبارك فيك، طيب عايزة فلوس أؤمري،
أجبلك أزازة ميه من البيت اهوه، أناديلك واحدة تتكلمي معاها،
لا خالص، حضرتك وفيت.
وجدته يرفع يديه قائلا ربنا يصلح حالك يا بنتي، وظل يرددها حتى اختفى في الظلام، كأني نسيت حزني لحظتها، وقبل أن أصل وجدت التوكتوك أمامي والسائق ينتظر، وعندما كلمته، قال لي لقد جاء قبلك أكثر من زبون، لكني
رفضت، ولا أعلم لم؟، رغم حاجتي للمال، كأني كنت أنتظر ،
قلت والله دى دعوة الرجل الطيب..