ينصحني الطبيب بعدم تناول الشاي بكثرة، يكفي كوبان باليوم قبل الأكل، أهز رأسي بالموافقة، أذهب مع وعد بالتنفيذ، فى طريقي أتأمل وجوه المارة، أحصى خطوط وجوههم التى تزداد طرديا مع زيادة الأسعار، أفكر في كلام الطبيب، كيف أتوقف عن المزاج المباح؟، لطالما كان الشاي هو السلوى، والرفيق، والضابط، أدمنت الشاي منذ صغري، رأيت أبي وهو يجلس على المصطبة أمام منزلنا، وكل من يمر عليه، يناديه ليشرب معه الشاي، الويل لمن لا يلبى دعوته إلى الأن.
أستمع لمكالمة إحداهن، يبدو أن على الجانب الآخر ولدها، تخبره أنها بخير ووجدت الأدوية أخيرا بالصيدلية، تطمئن على أحواله وتنهي المكالمة، وتبدأ في البكاء، يعلو نحيبها، تقول بانكسار "مش عايزة أشيلك همي ياولدي، بزيداك"
تواسيها السيدات الجالسات بالسيارة، النساء يجدن الثرثرة في الحزن، طريقة آمنة للتخلص منه،
، تسرد كل واحدة همها بطريقة اللى يشوف بلوة غيره تهون عليه بلوته.
أستمع في صمت وداخلي ضجيج العالم، بركان نشط من الصراخ، أترجل وأنا تائهة أمشي في الفراغ بين عقلي وقلبي،
أفقد الشعور بالمكان، أتوكأ على ذاكرة هشة، وشوش تقابلني
مبتسمة، أفتش في ذاكرتي فلا تسعفني، أترك العنان لقدمي حتى تهديني الطريق، ذرات غبار تتطاير، أعرف تلك الرائحة جيدا، أتبعها، أجدني على حافة طريق ترابي، أقف، أرتجف،
أتجمد، قبل أن أعاود المحاولة، انتبه على يد ابنتي، انتظرتك كثيرا يا أمي، أبتسم في وداعة للوجه المألوف، تعيدني إلى البيت، ذاكرة تنوح، ويد في طريقها إلى كيس السكر الفارغ
أعد كوب الشاي لكن هذه المرة دون سكر..