نيلٌ... وقُربانٌ
تناظرُ دورَها
والموتُ...
يلعبُ دورَه الأزليَّ...
إذ يختارُ ما يختارُ
مِن جوعى
بنهرِ النّيلْ...
يروي تعطّشَهُ
فيروي شوقَهم للماءْ...
والنهرُ... آلهة الحياةْ
يحتاجُ ما يحتاجُ
مِن "أيرولَ"
كي يحمي الرّعاةْ
ترنوا له الأنظار
في فرحٍ
وتبتهجُ العذارى
عنده
حتى تمارس
حقَّها الأبديَّ
في وَهْبِ
الحَياةْ...
حضرَ الجميع
مراسِمَ العرسِ
المقدّسِ
في الصّباحْ
عرسٌ تخضّبَ
بالدّماءِ وبالفرحْ
ويعودُ عاماً
بعدَ عامْ
ليُعيدَ للتاريخِ
سطوتهُ
ونهرِ النيلْ
***
ما أنتَ يا نهرَ الدّماءْ
مَنْ نَصّبكْ؟!
من ذا الذي ولّاكَ آلـِهةً
على آلامِنا
مَن عظّمَكْ؟!
كَم مرّةً؟
أفسدتَ محصولَ الرّعاةْ
كمْ مرّةً؟
جفّفتَ ماءَكَ عامداً
حتى يخافَ جفافَكَ
البسطاءُ في عُجُفِ
السّنينْ
في كلّ ما قد كان فيكْ
في كلّ ما ربّيتَ
من ألمٍ لنا
قد زرتنا
أعلنتَ ميثاق
العبيدْ
تأتي إلينا نورساً
أو زورقا
وغمامةً تمضي
ويرجع غيرها
تتبادلُ الأدوار
***
بسطاء كم بسطاء نحنْ
بسطاءُ نحنُ كحلمنا
كخيالنا بسطاءُ
كرغيفِ خبزٍ
في بيوتِ الأغنياءْ
وكرسمةٍ فوق الجدارْ
"نحنُ البساطةُ
في تأمّلنا وفي ألحانها
نحنُ البساطةُ في تجلّينا
وفي أشكالها الأخرى...
سعداءُ كم سُعداءُ نحنْ
سعداءُ في أحزاننا
ودموعنا
سعداءُ في أفراحنا
في نبضنا سعداء
في لحنِ دوريٍّ
يغرّد خلف لحنِ النّاي
سعداءُ كالأطفالِ
وكلعبةِ الشّهداءِ والمحتلّ...
بسطاءُ كم بسطاءُ نحنْ
سعداء ما دام الصّدى
يشدو بصوتيَ باسماً
ما دام لون سمائنا
بحريُّ
ما دامت الأشجار
تولدُ كلّ يومٍ مَرّتين...
بسطاءُ
كم بسطاءُ نحنْ
كنّا وما زلنا
على أملٍ وناصيةٍ
نُراق
***
بيتي يُطلّ
على دخانِ الأغنية
والنّاس ترقصُ
حول جمر الأمنيةْ
ومفاخري علقتها
ونسيتها
لكنني ما زلت
أنشدها
قصيداً للجواري
في حوانيت
الطغاةْ ...
والنيلُ يعرف
ما أقول معاتباً...
ينتابني شرفٌ عظيمٌ
حين أسرد للعذارى
قصةً "ما عشتها"
ولطالما أبحرت
في عرض البحار
لكنني أسقطتُ
سهواً
قاربي من قصتي
ونسيتُ أيضا
أنه لا بحر لي
أو معجماً
يغفو به تاريخنا
المنسيُّ مطويّاً
على أحلامه
في حلمنا...
***
النيلُ نالَ
من الأغاني
الحالمة
ومهندّسُ
السّدّ العظيم
ينامُ مع فرعون
في نفس السّريرِ
معانقاً روميةً
شقراءَ
يربتُ فوق
ظهرِ القبّراتْ
وجحافلُ
البسطاءِ
ينتظرونَ
مَن يأتي
لينقذَ ما تبقّى
مِن فراشاتِ
على الأسوار
فهناكَ
مَن يربوا
على أحلامه
وهناكَ
مَن في حلمه
يربوا الأملْ