أيقظتني حرارة الشمس فقمت مدهوشة، ثيابي المعفرة تخبرني أنني قادمة من سفر طويل، ولكن ... متى سافرت؟ وإلى أين؟
تساءلت مندهشة، ذاكرتي كعادتها لم تسعفني بالجواب، حاولت النهوض فانتبهت لندوب متفرقة في جسدي النحيل، تحسستها ... الندوب لا تؤلمني لكنها غيرت لون جلدي الذي كان أبيضا مشربا بحمرة، قلت في نفسي سيداويها الوقت! ولكن ... متى نحلت؟ تلفت حولي، المكان مقفرا، باب القلعة العملاق موصد في وجهي، تعجبت ... لماذا أنا لست بالداخل؟ تحاملت على نفسي ونهضت رغم الألم المتفرق في أنحاء جسدي والذي لم أحدد له مكانا أو سببا، هرولت نحو الباب الموصد، دفعته بيداي الضعيفتين، الباب عصي، قلت بصوت حاد لكنه خرج واهنا " يا حراس، افتحوا الأبواب، من أمركم أن تغلقوها في وجهي؟ أنا سيدة القلعة!.. أنا راهبة المحراب!" بدد السكون هدري، حتى صدى الصوت لم يجبني، تذكرت أنه ليس ثمة حراس، الحارس الوحيد لقلعتي كان صدّيق، تلفت حولي " أين ذهب؟" تساءلت مرتاعة، من كوة بالباب أبصرته نائما تحت شجيرة، عيناه المغمضتان يسيل منهما الدمع، ناديته بأسى" أيها الحارس، لماذا أنت نائما، وعلى ما البكاء؟" رفع رأسه ببطء أنصت مليا يتأكد من الصوت، تهلل وجهه، نهض متحاملا " ها قد عدتِ" قال بفرح، فتح المزلاج فانفرج الباب فرجة تكفي عبوري، حاولت الدخول لكنه فجأة سده بساعده الفتيّ، نظرتي الغاضبة كادت تفتك به، أشار بعينيه إلى قدمي العاريتين واللتين غطاهما الوحل، شهقت بخجل واختبأت خلف الباب" أين كنت أسير؟" سألت نفسي بصوت خفيض، رفعت إليه عينين متوسلتين وسألت" ماذا أفعل؟" أشار ناحية اليمين وقال" هل نسيتي البحيرة؟" تهلل وجهي، هرولت نحوها، ألقيت بجسدي فيها، أفقت من غفوتي، الأوراق تتناثر أمامي على سطح مكتبي، القلم ما زال بيدي، نور ينبعث من داخلي يضيء عتمة المكان، وصوت الحارس قادم من العمق، يقول بصوت رصين" هيا، ادخلي "!.