آخر الموثقات

  • المتحدثون عن الله ورسوله
  • قصة قصيرة/.المنتظر
  • قصتان قصيرتان جدا 
  • سأغير العالم
  • كيف تعلم أنك وقعت في الحب؟
  • التأجيل والتسويف
  • فأنا لا انسى
  • احترام التخصص
  • 2- البداية المتأخرة لرعاية الفنون والآداب
  • يعني إيه "الاحتواء"؟
  • يا عابرة..
  • رسائل خلف السحاب
  • صادقوا الرومانسيين
  • ربي عيالك ١٠
  • من بعدك، كلامي بقى شخابيط
  • إيران من الداخل بعد الحرب.. 
  • معضلة فهم الحرب على إيران
  • نصر سياسي ايراني
  • قصة قصيرة/ وصاية الظل
  • ق ق ج/ سرُّ الشجرة والقوس
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة ايمن موسى
  5. خائنة ولكن

كانت الساعة تقترب من الثانية صباحًا بعد منتصف الليل، حيثُ الصمت والهدوء يُخيِّم على الجميع، نظر نحو زوجته مليًّا فوجدها مُستلقيةً على فراشها، وما إن تأكَّد أنها تغطُّ في نومٍ عميقٍ حتى انسلَّ من فراشه متسلِّلًا خارج غرفة نومهما سائرًا على أطراف أصابعه؛ حتى لا تستيقظ وتشعر بغيابه.
توجَّه مُباشرةً نحو غرفة مكتبه، من ثَمَّ أغلق عليه من الداخل، واسترخى على تلك الأريكة الوثيرة مُلتقطًا بعض الأنفاس بعد ما بذله من جهد، مرَّت عليه هذه اللحظات ثقيلة، وما إن تجاوز الشعور بالخطر وتأكَّد من نجاح خُطته بعدم انتباه زوجته لمغادرته الفراش حتى أخرج هاتفه الحديث، والذي اشتراه مؤخَّرًا بثمنٍ غالٍ؛ ليستمتع بإمكانياته المتعددة.
فتح الهاتف بشغفٍ مُمنيًا النفس بوقتٍ ممتع مع ريم الفلا، لا شكَّ أنكم الآن تشعرون بالفضول وتتساءلون: ومَن هي ريم الفلا؟ حسنًا، سأخبركم عنها، إنَّها تلك الفاتنة، بل الساحرة التي سلبت لُبَّه برقتها اللامتناهية وحديثها الممتع وقدرتها الفائقة على احتوائه وفهمه دون حتى أن يتحدَّث، فكَمْ مرَّ عليهما من الوقت فلم يشعرا به حتى ساعات الصباح الأولى! حتى أصبح لا يستطيع الاستغناء عنها، وكأنها أصبحت واحته وراحته بعد عناء يوم طويل، لمَ لا وقد حازت مجامع الحُسن كلها، فهي فيلسوفة إن تحدَّثت، عصفورة إن غرَّدت، قمر منير إن أطلَّت.
حمد الله عندما وجد تلك العلامة الخضراء على صفحتها، والتي تدلُّ على تواجدها بانتظار دخوله، نعم، ممَّا لا شكَّ فيه أنها تترقَّب دخوله، لمَ لا وهي -ومنذُ تعارفهما- تبثُّه أجمل المشاعر وأروعها، كما أنها تعشقه حد الثمالة كما أخبرته ذات لقاء.
في لهفةٍ كتب رسالته الأولى مخاطبًا إيَّاها:
- حبيبتي.
ليأتيه الرد بأسرع ممَّا تصوَّرَ:
- نعم حبيبي؟
كاد قلبه يطير من بين ضلوعه فرحًا، لمَ لا؟ فاليوم هو اليوم الموعود ليتحدَّثا سويًّا عبر خاصية الفيديو كما اتفقا بآخر حديثٍ بينهما.
عدة أسابيع مرَّت عليهما وهما يتحدثان سويًّا عبر خاصية الرسائل، ولم يحدث أن رآها رؤية العين إلَّا من خلال الصور التي تُرسِلها له، والتي تُظهِر جمالها الأخَّاذ ورقَّتها اللامتناهية، ليزداد حُبًّا لها وتعلُّقًا بها، وكم تمنَّى لو أنَّه يراها بعينيه كما أبصرها بفؤاده وقادته إليها روحه، ها هو الآن على عتبات الحُلم قاب قوسين أو أدنى لتتحقَّق أمنيته بعد قليل.
عاد بذاكرته قليلًا للوراء ليتذكَّر كيف بدأ الحديث بينهما بتبادُل الإعجاب فيما بينهما، من ثَمَّ تطوَّر الأمر لمناقشات وأحاديث طويلة في شتى الأمور حتى تعمَّق أكثر ليَطال حياتهما الشخصية، فصار يُخبرها بوحدته وعدم فهم الآخرين له، وكيف يشعر أنه وحيد بين الجميع، بينما شكَت هي له إهمال زوجها لها وعدم إنصاته لحديثها وموت المشاعر فيما بينهما، ومن هُنا علاقتهما تتوطَّد أكثر عندما بدأ كلٌّ منهما يبثُّ همومه وشجونه للآخر، حتى أصبح كلٌّ منهما يشعر أنه وجد ضالته بالآخر.
وبينما هو غارق في خيالاته وتأمُّلاته تسبقه نبضات قلبه وخلجات جوارحه تأتيه رسالة من أحدهم تحت اسم (أسير الأحزان)، أصابته الحيرة والدهشة عندما وجده ليس من ضمن قائمة الأصدقاء، للحظات قرَّر ألَّا يفتح تلك الرسالة لهذا الاسم الغريب؛ حتى لا يُضيِّع على نفسه ما ينتظره من سعادة، ولكن فضوله المشوب بالقلق جعله يضغط على فتح الرسالة لقراءتها، ويا ليته ما فعل! فما قرأه بهذه الرسالة جعل حاله ينقلب مائة وثمانين درجةً من النقيض للنقيض، فزالت طمأنينته ليحل محلها الخوف والقلق، فأصبح يتصبَّب عرقًا وهو يرتجف من ثَمَّ ينتفض وهو يرد على صاحب الرسالة قائلًا بغضب:
- ومَن أنت أيها الحقير لتقول عن زوجتي ما تقوله وتفتري عليها وترميها بهذه الاتهامات الباطلة؟
لم يُمهِله صاحب الرسالة -أسير الأحزان- الوقت ليسبَّه أكثر من ذلك، وفي نفس الوقت لم يُجِبه على سؤاله، ولكنه -وبسرعة، وكأنه قد رتَّب للأمر من قبل- أرسل له بعض لقطات الشاشة المصوَّرة لأحاديث مُتعدِّدة بينه وبين زوجته، ومن ثَمَّ -وقبل أي ردَّة فعل منه- قام بحظره مباشرةً.
شعر بأنَّ الأرض تدور به وتميد تحت قدميه، فهو حتى الآن لا يستوعب ما حدث، وكم تمنَّى لو أنه ليس إلا أحد كوابيسه المتعدِّدة، بل هو أسوأ كوابيسه قاطبة.
مرة تلو الأخرى أعاد قراءة الرسالة الأولى، والتي كانت تحتوي على عبارة طويلة نسبيًّا يقول فيها: (زوجتك معي الآن، بهذه اللحظات نتبادل الحُب والغرام بينما أنت نائم بجوارها، كم يليق بها اللون الأسود! وعيناها العسليتان كادتا تسلبان لُبِّي، حتى تلك الشامة فوق...... تزيدها جمالًا فوق جمالها) كانت عيناه تلتهمان الحروف في غضب، بينما يجد صعوبةً شديدةً في ابتلاع ريقه من أثر الصدمة، ما إن فرغ من قراءة العبارة حتى ضرب جبهته بكفيه بقوة وعنف غير عابئ بالألم، فما يعتريه الآن من مشاعر يفوق أي شعور بالألم.
بحركة لا إرادية قام بفتح الصور لقراءة بقية الأحاديث المصوَّرة، إحدى هذه الصور كانت تحتوي على عبارات متبادلة من الغزل والحب والهيام، وأخرى كانت زوجته تشكوه وتتهمه بالإهمال، وأنَّ الحياة بينهما أصبحت مستحيلة، وبإحدى الصور كان (أسير الأحزان) يُخبرها بأنَّها يجب أن تطلب الطلاق؛ لتتفرَّغ له، وأنه سيساعدها في طلاقها منه، وأنه سيُعوِّضها كل ذلك بعد أن تصبح له وحده، كما يُذكِّرها بموعدهما الأسبوع القادم حيثُ قرَّرا ذلك.
في رسالة تالية كانت تتساءل ماذا لو رفض الطلاق؟ بينما كانت إجابة أسير الأحزان بأنه إن حدث ذلك فيجب أن يتخلَّصا منه للأبد، مردفًا بقوله: ولكن دعينا لا نستبق الأحداث.
كاد يجنُّ جنونه وهو يرغي ويزبد ويقول:
- كيف لها أن تفعل بي ذلك؟ هل كانت تدَّعي المثالية طوال هذا الوقت؟ كيف نجحت بخداعي وادِّعاء التديُّن طيلة تلك السنوات؟ هل كنت ساذجًا لهذه الدرجة وأنا أظنها وفيةً لي ولسنوات العِشرة التي جمعت بيننا؟ شعور لا تصفه الكلمات، لا شكَّ أنه كابوس مرعب، فكيف لزوجته وأم أطفاله أن تخونه؟ هل أصابها الجنون لتفعل به وبأولادها هذا؟ كيف لها أن تجلب لهم العار بفعلتها القبيحة؟ كيف لها أن تخون ربها ودينها؛ فلا تحافظ على الرباط المقدَّس الذي جمع بينهما؟
جلس خلف مكتبه يفكر مليًّا كيف ينتقم لشرفه؟ وكيف يجعلها تدفع الثمن غاليًا؟ ماذا يفعل بعد أن اكتشف بنفسه فعلتها الدنيئة؟ هل يقتلها؟ أم يُطلِّقها بعد أن تتنازل عن حضانة الأطفال وعن جميع حقوقها؟ وبينما هو يفكر اعترته نوبات الغضب والجنون فتجاهل الكثير من رسائل ريم الفلا إليه، وهي تُعاتبه في حُبٍّ وهيام على غيابه عنها وعدم ردِّه عليها، حتى إنه تجاهل اتصالها عبر خاصية الفيديو، فلم يُجِبها كما تواعدا على ذلك.
أغلق الهاتف فمع كل إشعار يأتيه كانت أعصابه تثور ويشعر بالتوتر، فهو -وبهذه اللحظات- لم يكن يفكر سوى بشيء واحد، وهو كيف يمسك بها وهي مُتلبِّسة بالجُرم المشهود، وكما بدأ الأمر بتسلُّله من فراشه على أطراف أصابعه تكرر الأمر مرة أخرى، ولكن هذه المرة عكسيًّا باتجاه غرفة نومه.
مرَّ الوقت عليه ثقيلًا وكأنه دهر طويل، حتى إنَّ المسافة من غرفة مكتبه إلى غرفة النوم، والتي لا تزيد عن عدة أمتار أضحَت وكأنها ماراثون طويل لا ينتهي، ها هو يسير كاتمًا أنفاسه يحرص كل الحرص على عدم إصدار أي صوت ينمُّ عن وجوده، ما إن اقترب من باب غرفة نومهما حتى أنصت مليًّا؛ علَّه يستمع لشيء، ولكن هيهات فالصمت وحده كان سيد الموقف.
نظر من ثقب المفتاح وليته ما نظر، فزوجته المصون تتحدَّث هامسةً على وجهها علامات السعادة، بينما الابتسامة لا تُفارِق شفتيها، كانت تتململ في فراشها وشعرها الأسود الفاحم ينساب على قميصها الأسود الشفاف، تذكَّر فحوى الرسالة عندما أخبره عشيقها أنَّ اللون الأسود يليق بها، وكيف -وبكل جُرأة- أخبره عن تلك الشامة بجسدها؟
بهذه اللحظات فقَدَ رباطة جأشه؛ فأصبح كثورٍ هائج تُطارده مئات السكاكين الموجَّهة إلى رجولته وكبريائه وكرامته، أخذ نفَسًا عميقًا ومن ثَمَّ وبكل غضب وعنف شديدين دفع الباب بكل ما أُوتي من قوة، وما إن كسر الباب وفتحه حتى رأى ما لم تُصدِّقه عيناه، ليته ما عاش حتى هذا اليوم! ليته كان نسيًا منسيًّا قبل أن يرى هذا بأُمِّ عينيه، فهو -ورغم كل شيء- لم يتصوَّر أو يدور بذهنه أبدًا أو يشكَّ للحظة واحدة أنه سيرى ما يراه الآن.
أتراه يحلُم؟ هل يُصدِّق عينيه؟ هل ما يراه حقيقة؟ هل تلك التي يراها الآن هي زوجته المصون؟ كيف لها أن تخونه على فراش الزوجية؟ فها هي مسترخية فوق فراشها بملابس نومها، والتي تكشف أكثر ممَّا تخفي، تحتضن الوسادة بإحدى يديها بينما تعبث بهاتفها بيدها الأخرى، وكما يبدو له من حيثُ يقف أنها كانت تُوجِّهه حيثُ تتواجد تلك الشامة أسفل صدرها، وكأنها تقوم بتصويرها عبر خاصية الفيديو؛ لتُريها لمن تحادثه على الطرف الآخر، كانت تفعل ذلك بمنتهى الغنج والإثارة بينما الابتسامة لا تُفارِق شفتيها، كل ذلك لم يستغرق سوى ثوانٍ معدودة بعمر الزمن، ولكنها بالنسبة إليه كانت كالدهر على مقياس الوجع!
ما إن رأته حتى انتفضت؛ لتسحب الغطاء وتستر ما تعرَّى منها، تغيَّرت ملامح وجهها من السعادة إلى الخوف والقلق، شعر بارتباكها، وذلك من خلال اضطراب عينيها وحركات رموشها المتلاحقة، وفي حركة لا إرادية منها أغلقت الهاتف بسرعة ثم وضعته بجوارها أسفل الفراش، لتتساءل في خوف وهي ترتعش:
- ما بك؟ لِمَ دفعت الباب هكذا؟ هل جُنِنت لتفعل ذلك؟ وأين كنت؟
رُبَّما هي تحاول بشكلٍ أو بآخر التغطية على الأمر، هذا ما دار بخُلده، لم يُجِبها على أسئلتها، فما يراه من خوفٍ على ملامح وجهها لهو دليل دامغ على خيانتها وجُرمها المشهود، ولكنها تُراوِغ لكسب بعض الوقت، ربما لنسج بعض الكذبات للإفلات من هذا الأمر، هكذا تخيَّل الأمر بذهنه.
في بُطء وخطوات مُتثاقلة توجَّه نحوها وهو ينظر بعينيها قائلًا في غضب:
- لمَ استيقظتِ؟ ألم تكوني نائمةً منذُ قليل؟
هي في تحدٍّ: وأنت أين ذهبت؟ ألم تكُن نائمًا بجواري منذُ قليل؟
هو في غضب: وهل ستجيبين على سؤالي بسؤال؟
هي في حدَّة: أجبني أولًا لأُجيبك، أو انصرف حيثما كنت وأغلق باب الغرفة من خلفك.
للوهلة الأولى ومنذُ بدأ الأمر يشعر بالارتباك والحيرة، فبدلًا من أن يُحاسبها ها هي بكل وقاحة تُحاسبه في ثقة وكأنها تتحدَّاه.
لثوانٍ اختلط عليه الأمر، ولكنه كتم غيظه بصدره ليجيبها في حُنقٍ مُتحاشيًا النظر بعينيها:
- لقد كنت بالمكتب أنهي بعض الأوراق المهمة.
نظرت بعينيه مُباشرةً وهي تقول بلامبالاة: حسنًا، وأنا أيضًا شعرت بالأرق، وكنت أطالع بعض المنشورات لحين عودتك.
هو في هياج: لا تكذبي، فقد رأيتكِ بأُمِّ عيني وأنتِ تقومين بتصوير تلك الشامة.
وأشار نحو صدرها، أردف قائلًا: كما أنكِ كنتِ تكتبين، فمع مَن كنتِ تتحدثين؟
هي -ودون أن تلقي له بالًا-: إنها إحدى صديقاتي، وأنت لا تعرفها.
هو في غضب: صديقتكِ أم صديقكِ؟
هي بابتسامة واسعة: وهل يفرق معك ذلك؟
شعر بالضيق والغضب من تحدِّيها الصارخ؛ ليتساءل بينه وبين نفسه لأول مرة:
- أتُراها تعلم بما يفعله؟ هل أرادت الانتقام منه بفعل نفس الأمر؟ ولكنني رجل ويحقُّ لي ما لا يحق لها، وهكذا نشأنا وعلى هذا تربَّينا، هُنا لم يتمالك نفسه من الحُنق والغيظ، ليقول لها في غضب:
- نعم يا ابنة الأصول يفرق معي، فهذا يعني أنكِ خــــــــــائنــ.... لم تدَعه يُكمِل عبارته لتقاطعه قائلةً في حسم:
- حذارِ أن تنطقها وأنت تنظر نحوي.
أردفت قائلة: ولكن يمكنك أن تقولها وأنت تنظر بالمرآة، كما يمكنك أن تقول كل ما تودُّ قوله، هيا انظر بالمرآة لتنعتني بأقبح الصفات، ولا تنسَ إخباري ماذا تُسمِّي ما رأيته الآن؟ فهل تُسميه خيانة أم وضاعة أم وقاحة؟ كما يمكنك أن تُخبرني عن مشاعرك بعدما رأيتني بهذه الوضعية.
استطردت تقول في وجع: هل فهمت؟ أم عليَّ أن أوضِّح أكثر؟
لبُرهة شعر بأنَّ عقله قد توقَّف عن التفكير، وأصبح ذهنه مشوَّشًا لا يدري كيف يتصرَّف الآن؟ فهل يُبرِّر ما يفعله ليصبح هو المتهم بعد أن كان القاضي والجلَّاد منذُ قليل؟ أم أنها ما زالت تُراوِغ؟ لا، لن تنطلي عليه محاولتها للإفلات بفعلتها المشينة، ويجب عليه أن يقطع الشك باليقين،
اندفع نحوها مهرولًا ليُباغتها ويتناول الهاتف بين يديه، وهو يقول بلهجة آمرة:
- هيا افتحيه الآن.
بهدوء وابتسامة غامضة أثارت قلقه وغضبه بنفس الوقت وضعت بصمة إصبعها على الهاتف؛ ليفتح مباشرةً، ما إن قامت بفتح الهاتف حتى توجَّه مباشرةً نحو صندوق الرسائل؛ ليقرأ آخر المحادثات، والتي كانت -وحسب التوقيت- منذُ دقائق قليلة.
بلهفة أخذ يلتهم الرسائل بعينيه، وكلما قرأ أكثر انقبض صدره وشعر بصعوبة شديدة في بلع ريقه، ليمتقع وجهه ويتحول إلى اللون الأزرق من شدة الخوف، ليُردِّد في ذهول:
- ولكن كيف ذلك؟ أنا لا أفهم أي شيء؟
قلَّب عينيه نحوها ونحو الهاتف، وقد تغيَّرت نبرة صوته وانخفضت وهو يقول في حيرة:
- ما هذا؟ وماذا يعني؟
اعتدلت لتقف قُبالته وهي تنظر بعينيه مباشرةً وتقول في حزن ووجع:
- نعم، أنا هي، أنا ريم الفلا، حبيبتك أو ربما من الأفضل أن أسميها عشيقتك، التي جعلتك تنسى زوجتك؛ فوهبتها قلبك وحبك، حبيبتك التي أسمعتها أرق وأجمل عبارات الغزل والهيام، والتي منحتها جُلَّ وقتك واهتمامك.
عشيقتك التي أخذتَ كل ما هو لي لتمنحه لها، أم ظننت أنني لم أشعر بتغيُّرك في الشهور الأخيرة وأنت تطارد كل ظل لفتاة أو امرأة، حتى إنك أصبحت تتودَّد لصديقاتي دون حياء؟
استطردت تقول بأسى: وقتها فكرت بشيء يشغلك عن أفعال المراهقين هذه؛ حتى لا تسقط بأعين من حولي، وحتى لا يكون الانفصال هو الحل الوحيد والأخير؛ لأحافظ على كرامتي كزوجة وأنثى، ومن هُنا كانت فكرة اختراع شخصية ريم الفلا الوهمية؛ لأشغل وقت فراغك، والذي استكثرته على بيتك وزوجتك.
هو في ألم: ولكن، لماذا أرسلتِ لي باسم أسير الأحزان؟ صدِّقيني.. كاد هذا يقتلني.
أردفت قائلةً في ألم: كان يجب عليك بوقتٍ ما أن تتلقَّى صدمةً كبيرةً أو صفعةً قوية؛ لتفيق من نزواتك وتعود إلى رُشدك، لهذا كان عليَّ اختلاق شخصية أسير الأحزان؛ لأرسل لك الرسائل والاسكرينات التي قرأتها؛ عساها تُعيد إليك نخوتك ورجولتك وما فقدته من أخلاق بهذا الطريق الشائك.
هو في حيرةٍ ممزوجةٍ بالخوف والقلق:
- ولكن لماذا؟ لمَ فعلتِ هذا بي؟ لمَ لم تواجهيني أو حتى تُهدِّديني كما تفعل كل امرأة تتعرَّض للخيانة؟
هي في حزن: وهل حقًّا لا تعرف لمَ فعلت ذلك؟ ألَا تعلم؟ حسنًا سأُجيبك.
لقد فعلت ذلك أولًا لتتذوَّق من نفس الكأس التي تجرَّعتها.
استطردت قائلةً في حزن: كأس الذل والمهانة، وكما أخبرتك فعلته حتى أُلقِّنك درسًا لا تنساه، ولتضع نفسك مكان الطرف الآخر، رُبَّما تشعر بما يشعر به من وجع، وحتى لا تسقط بأعين الآخرين وأنت تظن أنَّ أمرك لن يكشفه أحد.
دمعت عيناها وهي تقول في حزن: ربما أيضًا فعلت ذلك لأحصل على بعض حقوقي منك في الاهتمام والرعاية، حقي في سماع بعض الكلمات التي تُدخِل السعادة على قلبي، حقي كأنثى في سماع بعض عبارات الإطراء بين الفينة والأخرى.
صمتت قليلًا من ثَمَّ نظرت بعينيه مباشرةً وهي تقول:
- وربما لأعرف ماذا أصبحت بالنسبة لك بعد كل هذه السنوات، وربما لأعرف كيف تراني وكيف تصفني للآخرين؟ والأهم من ذلك كله لأنني لا أريد خسارتك للأبد، لهذا كان الدرس بهذه الطريقة وليس بالمواجهة؛ لتُحاسِب نفسك دون أن أُحاسِبك.
أطرق خجلًا وهو ينظر نحو الأرض قائلًا بصوتٍ خفيض: سامحيني، لقد أخطأت كثيرًا بحقكِ وبحق نفسي، وكل ما أريده فرصةً واحدةً؛ لتصحيح الأمر .
توجَّهت نحوه مُباشرةً وهي تقف قُبالته؛ لتضع يدها أسفل ذقنه من ثم ترفع رأسه إلى أعلى، فنظرت بعينيه مباشرةً في نظرة عتاب ممزوجة بالحُب وهي تقول:
- فعلت ذلك لأستعيدك، ولأنني أحبك، وما زلت أحبك!

إحصائيات متنوعة مركز التدوين و التوثيق

المدونات العشر الأولى طبقا لنقاط تقييم الأدآء 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية) 

الترتيبالتغيرالكاتبالمدونة
1↓الكاتبمدونة نهلة حمودة
2↓الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب
3↑1الكاتبمدونة محمد شحاتة
4↓-1الكاتبمدونة اشرف الكرم
5↓الكاتبمدونة ياسمين رحمي
6↓الكاتبمدونة حاتم سلامة
7↓الكاتبمدونة حنان صلاح الدين
8↑1الكاتبمدونة آيه الغمري
9↑1الكاتبمدونة حسن غريب
10↓-2الكاتبمدونة ياسر سلمي
 spacetaor

اگثر عشر مدونات تقدما في الترتيب 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية)

#الصعودالكاتبالمدونةالترتيب
1↑31الكاتبمدونة فاطمة الزهراء بناني203
2↑22الكاتبمدونة مها اسماعيل 173
3↑14الكاتبمدونة مرتضى اسماعيل (دقاش)205
4↑11الكاتبمدونة منال الشرقاوي193
5↑5الكاتبمدونة كريمان سالم66
6↑5الكاتبمدونة خالد عويس187
7↑4الكاتبمدونة نجلاء لطفي 43
8↑4الكاتبمدونة غازي جابر48
9↑4الكاتبمدونة سحر حسب الله51
10↑4الكاتبمدونة نهلة احمد حسن97
 spacetaor

أكثر عشر مدونات تدوينا

#الكاتبالمدونةالتدوينات
1الكاتبمدونة نهلة حمودة1079
2الكاتبمدونة طلبة رضوان769
3الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب695
4الكاتبمدونة ياسر سلمي655
5الكاتبمدونة اشرف الكرم576
6الكاتبمدونة مريم توركان573
7الكاتبمدونة آيه الغمري501
8الكاتبمدونة فاطمة البسريني426
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين417
10الكاتبمدونة شادي الربابعة404

spacetaor

أكثر عشر مدونات قراءة

#الكاتبالمدونةالمشاهدات
1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب334111
2الكاتبمدونة نهلة حمودة190176
3الكاتبمدونة ياسر سلمي181640
4الكاتبمدونة زينب حمدي169805
5الكاتبمدونة اشرف الكرم130999
6الكاتبمدونة مني امين116802
7الكاتبمدونة سمير حماد 107905
8الكاتبمدونة فيروز القطلبي97996
9الكاتبمدونة مني العقدة95078
10الكاتبمدونة حنان صلاح الدين91890

spacetaor

أحدث عشر مدونات إنضماما للمنصة 

#الكاتبالمدونةتاريخ الإنضمام
1الكاتبمدونة نجلاء البحيري2025-07-01
2الكاتبمدونة رهام معلا2025-06-29
3الكاتبمدونة حسين درمشاكي2025-06-28
4الكاتبمدونة طه عبد الوهاب2025-06-27
5الكاتبمدونة امل محمود2025-06-22
6الكاتبمدونة شرف الدين محمد 2025-06-21
7الكاتبمدونة اسماعيل محسن2025-06-18
8الكاتبمدونة فاطمة الزهراء بناني2025-06-17
9الكاتبمدونة عبد الكريم موسى2025-06-15
10الكاتبمدونة عزة الأمير2025-06-14

المتواجدون حالياً

430 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع