نهض من نومه فزِعًا وهو يفرك عينيه بعُنف؛ ليتأكَّد أنَّ الأمر لا يتعدَّى كونه حُلمًا مزعجًا أو كابوسًا، وأنه ما زال بشقته الفاخرة المطلَّة على النيل.
نظر من حوله ليتأكَّد أنه فوق فِراشه الوثير رغم هذا العرق الذي يتصبَّب فوق جبينه بغزارة.
تساءل بحيرة: ولكن هل يُعقَل أن يتكرَّر نفس الحُلم بنفس الأشخاص وفي نفس المكان كل يوم منذُ أسبوع أو أكثر؟
الأغرب من ذلك أنه يبدأ وينتهي بنفس الوتيرة، وكأنه مشهد سينمائي يتكرَّر كل يوم.
بعد تفكيرٍ عميق قرَّر أن يروي هذا الكابوس الذي يُؤرِّقه لمَن يستطيع حل طلاسمه؛ علَّه يستريح من هذا العناء.
حدَّث نفسه قائلًا: إنَّ مَن كان بمنصبه ووضعه الاجتماعي فيجب ألَّا يذهب للطبيب النفسي؛ حتى لا يقوم أعداؤه -وهُم كُثُر- باستغلال هذا الأمر ضده يومًا ما.
بالنهاية قرَّر أن يتصل بصديقه الشيخ الأزهري؛ عسى أن يجد لديه ما يُريحه، فهو على دراية بتفسير الرُّؤى، كما أنَّه مُؤتمَن ولا خوفَ منه .
أعدَّ لنفسه كوبًا من القهوة السادة، بينما قام بالاتصال بالشيخ على عجلٍ أثناء تحضيرها بذهنٍ مشغول.
ما إن أتاه صوت مُحدِّثه من الطرف الآخر حتى قال بصوتٍ ودود على غير عادته بالأحاديث الهاتفية:
- كيف حالك يا عم الشيخ؟ يا ترى فاكرني ولا نسيتني يا مولانا؟
- وهل يخفى القمر يا سيادة النايب؟ بس إيه اللي فكَّرك بينا؟
- والله المشاغل، وزي ما انت عارف الدنيا تلاهي، وإن شاء الله تتعوَّض.
- يعني عايز تفهمني إن الاتصال ده لوجه الله؟
أعقب قوله هذا بضحكة متقطعة دلالةً على ثقته أنَّ بالأمر شيئًا آخر.
- والله يا شيخ محتاج لعلمك في تفسير الأحلام، بصراحة عندي مشكلة عويصة وحلها عندك.
- لعله خير يا نايب.
- كابوس يا مولانا، وبيتكرَّر كل يوم، ومش عايز يفارقني.
- خير اللهم اجعله خير.
- كل يوم يا مولانا بحلم إني.....