العقل والعاطفة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يظن الرجل أن ما يشعر به، ويجب أن يقوله، قد فهمته المرأة بالفعل، فلا يقوله.
بينما تظن المرأة أن عليه أن يُفصح عن كل شيء، في كل وقت، وإلا فهو لا يشعر بشيء أصلًا.
وبين ما يظنه الرجل ويعتنقه، وما تؤمن به المرأة وتنتظره، تُبنى فجوة عاطفية هائلة، تتسع يومًا بعد يوم، وتكبر مثل كرة الثلج، وتتعقّد مثل بكرة خيط تشابكت خيوطها وتعقّدت، حتى تكاد تخنق العلاقة، لا بسبب غياب الحب... بل غياب الفهم.
الرجل بطبيعته عقلاني، عقلٌ يزن الأمور، والمرأة بطبيعتها عاطفية، قلبٌ يلتقط الإشارات.
الرجل لا يُعبّر بالكلمات، بل بالمواقف والأفعال، أما المرأة فترى الحب في عبارة منمّقة، وتسمعه في نبرة الصوت،
تلمسه في نظرة، أو في رسالة صباحية، أو في لحظة انتباه صغيرة.
مثلًا، عندما تمرض الزوجة، قد يظن الرجل أنه قدّم كل شيء حين ذهب بها إلى الطبيب، أو أحضر لها الدواء... بينما كانت هي تنتظر أن يجلس قربها، يضع يده على جبينها، ويسألها في حنو وود"هل يؤلمك شيء؟ كذلك، عندما تمرّ هي بيوم عصيب وتحكي تفاصيله، يستمع الرجل دون تركيز أو انتباه، ليقول في لا مبالاة ظاهرية "لا بأس، يمكنكِ تجاهل الأمر، الحياة لا تستحق."
في حين أنها كانت تريد منه أن يعطيها كامل تركيزه وانتباهه، ليُصغي لكل حرف، قبل أن يقول:أنا أشعر بكِ، لقد تحملتِ مالا يتحمله بشر، عندها ربما أقول ربما تشعر هي بالرضى."
أيضًا، عندما تبكي المرأة، يُصاب الرجل بالارتباك، فيتركها وينصرف عنها ليمنحها وقتًا لتستعيد هدوءها، بينما كانت هي تنتظر أن يقترب منها، يمسح دمعتها، ويقول: "أنا هنا."
الرجل يرى في الصمت حكمة، وفي الهدوء رجولة، والمرأة ترى في الكلام حياة، وفي التعبير دفئًا وأمانًا.
هو لا ينسى المناسبات كما تظن هي، بل لا يعرف مدى أهميتها في قلبها.
وهي لا تُبالغ، بل ترى أن اللحظات الصغيرة يجب أن تُعاش لتصبح ذكريات لا تنسى.
الرجل تهمّه النتائج، بينما المرأة تعشق التفاصيل.
هو يحتاج إلى من تفهم منطقه...
وهي تحتاج إلى من يحترم مشاعرها.
هو يُحب على طريقته... وهي تنتظر أن تُحَبّ على طريقتها.
وهنا يكمن السر وحل الشفرة...
الحل ليس في أن يُشبه أحدهما الآخر، بل أن يفهم كلٌّ منهما لغة الآخر، دون أن يُسقط عليها منطقه أو معاييره.
المرأة لا تريد رجلًا خارقًا يحقق المستحيل... بل رجلًا ينصت ويشعر.
والرجل لا يريد امرأة كاملة... بل امرأة تُقدّر ما يُقدّمه دون إنكار أو عناد.
حين نُدرك أننا لا نُشبه بعضنا،
نتعلم أن الحب ليس أن تكون مثلي، بل أن تتقبلني كما أنا.
عزيزي الرجل، أعلم أنك مثلي لا تجيد الشكوى، وأنك تخبئ وجعك خلف ابتسامة صلبة،
وأنك تتحمل حين تُرهق، وتصبر حين تُخذل، وتُكابر حين تنكسر،
ليس لأنك لا تشعر، بل لأنك لا تجد من يسمعك دون أن يُضعفك.
" كلنا هذا الرجل" كما أعلم أنك تُعبر عن حبك بالعمل والتضحية، وتعبر عن اهتمامك بالأفعال وليس الأقوال، وأنك لا تطالب بمقابل لتضحياتك مهما كثرت أو حتى بشكر لأنك تعتبر هذا واجبًا مقدسًا يجب الوفاء به اتجاه من تحب.
فقط يا صديقي لا تُبالغ في كتمانك، ولا تظن أن الرجولة أن تحرق نفسك لتضيء للجميع.
دع من تحب يرى داخل قلبك ليعرف حقيقة معدنك، فأنت لا يُطلب منك أن تكون مثاليًّا، يكفيك أن تكون حقيقيًّا... رجلًا صادقًا في زمن عز فيه الرجال.
إلى هي: لا تبحثي عن رجل يُتقن التعبير كما تفعلين، بل ابحثي عن قلبٍ صادق، وإن لزم الصمت.
فبعض الرجال لا يُجيدون قول "أحبك" لكنهم يعيشونها في كل تفصيلة وكل موقف وفعل، في تعبه من أجلك، في صبره على قسوة الحياة، في خوفه حين تتألمين.
امنحيه فرصة أن يُحبك كما يجيد لا كما تودي، ولا تُطالبيه أن يُصبح نسخة منكِ.
فأنتِ لستِ بحاجة إلى رجلٍ يُشبِهك، بل إلى رجلٍ يقدرك ويحترمكِ... ويختاركِ كل يوم من جديد.