هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • بداية انهيار الاحزاب
  • في غيابكِ
  •  المرأة: كيمياء الروح وتجلّي الوعي
  • لا أنا عارفة أنساك
  • أحياناً يبكي فينا كلّ شيء… إلا العينين
  • ضياع أحلام المقاومين 
  • ملاكي ٦ الله اكبر
  • سُكرُ نبضي
  • مشاكل الطلاب 
  • تخاريف صباحية 1
  • حتى الشعور بالكره خسارة
  •  مَلكةُ الزمان 
  • نثر/ مَلْحَمَةُ الظِلَالِ الْمُحْتَرِقَةِ
  • ق.ق.ج/ مِلْحُ السَّنَواتِ
  • شعر/ سِمفونية دَمار الفاشر
  • تغريد الكروان: حلق إلى حلمك
  • ستون عامً من الجمال الهادئ والحكمة الطاغية 
  • اختر نفسك أولا… فالحياة لا تعاد مرتين
  • أبكيكِ يا سودانُ
  • نقاش داخل صندوق مكافحة الأدمان
📚 خدمة النشر الورقي من مركز التدوين والتوثيق
حوّل أعمالك الرقمية إلى كتاب ورقي يحمل اسمك ورقم إيداع رسمي ✨
اكتشف التفاصيل الكاملة
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة ايمن موسى
  5. حُلمٌ عابر - الفصل الخامس 

شَيْءٌ ما لم يُرِحْها في كلماتِ النَّادل،

خاصةً تلك المشاعرُ الحزينةُ التي كَسَتْ ملامحَه، ونبرةُ صوتِه التي كانت تُعبِّرُ عن تأثُّرٍ شديدٍ.

مئاتُ الأفكارِ والخيالاتِ دارتْ في عقلِها، وكلُّها كانت تُنْبِئُ عن مكروهٍ قد حدثَ لهذا الشخصِ، الذي لم يَعُدْ مجهولًا الآن، فقد أصبح له اسمٌ، وهو (أحمد مجدي)، بلْ هو ليس شخصًا عاديًّا، إنما كاتبٌ وروائيٌّ شهيرٌ كما وصفَه النادل.

 

لحظاتٌ من الصمتِ الثقيلِ والوجومِ حَلَّتْ على المكان، لم يقطعْها سوى صوتِ النادلِ وهو يستطردُ قائلًا بصوتٍ مبحوحٍ لا يكادُ يغادرُ حنجرتَه، ودموعُه تسبقُه:

اللهُ يرحمُه...

 

(حُلم) وكأنها لم تسمعْه جيدًا:

ـ ماذا قلتَ؟

 

النادلُ وهو يُردِّدُ نفسَ كلماتِه السابقةِ:

ـ أخبرتُكِ سيدتي أنه الأستاذُ (أحمد مجدي) الكاتبُ والروائيُّ، رحمه اللهُ رحمةً واسعةً.

 

(حُلم) وهي تشعرُ أنَّ الأرضَ تميدُ بها، وأنَّ قدمَيْها لم تَعودا قادرتَيْنِ على حملِها:

ـ هل تَقْصِدُ أنه مات اليوم؟

 

النادلُ بصوتٍ لا زال يحملُ نَبْرَةَ الحزنِ:

ـ لا سيدتي، لقد وقعَ له حادثٌ منذ ثلاثةِ أسابيع، وهو في طريقِه لإرسالِ روايتِه إلى دارِ النشرِ القريبةِ من هنا.

 

قاطعتْه (حُلم) صارخةً:

ـ أنتَ تكذب! أنتَ تكذب! لماذا تُضلِّلُني؟

 

النادلُ وقد تفاجأ بثورتِها وغضبِها:

ـ ولماذا قد أكذبُ عليكِ يا سيدتي؟

 

(حُلم):

ـ أَلَسْتَ تُخبِرُني الآن أنه تُوفِّي منذ ثلاثةِ أسابيع؟

 

النادلُ بتأثُّرٍ:

ـ هو كذلك سيدتي.

 

(حُلم) بثقةٍ وغضبٍ:

ـ كيف يحدثُ ذلك وأنا حتى الأمس، وعلى مدارِ ثلاثةِ أسابيع، أراه جالسًا على نفسِ هذه المائدة؟

 

النادلُ بدهشةٍ وارتيابٍ وقلقٍ بدا على ملامحِه:

ـ هذا مستحيلٌ يا سيدتي، فمنذ ثلاثةِ أسابيع كان الأستاذُ أحمد قد أنهى أحدَ فصولِ روايته (أرواحٌ شبيهةٌ)، وذهبَ لدارِ النشرِ ليسلِّمَها حتى يتمَّ تدقيقُها ومراجعتُها قبل النشر.

وعندما دلفَ إلى سيارتِه، وأثناء عبوره الشارعَ، أتت حافلةٌ منطلقةٌ من الاتجاهِ الآخر لترتطمَ بسيارتِه بقوةٍ شديدةٍ. وقد نتجَ عن الحادثِ الكثيرُ من الوفياتِ والإصاباتِ بين ركابِ الحافلة، أما سيارةُ الأستاذِ (أحمد) فقد تهشَّمتْ وتحطَّمتْ تمامًا، وهو ماتَ على الفور إثرَ نزيفٍ حادٍّ.

 

(حُلم) غيرُ مصدِّقةٍ ما تسمعُ:

ـ كيف هذا؟ هذا مستحيل! أخبرتُك أنني أراه يوميًّا على مدارِ الأسابيعِ الثلاثةِ الماضية، وبالأمسِ كان متواجدًا هنا على نفسِ المائدةِ خلفَ أشيائِه!

 

وهي تشيرُ إليها بأصابعِها المرتعشة، وكأنها قد وجدت طوقَ النجاةِ عندما شاهدت أوراقَه وقلمَه ونظارتَه وكتابَه، فقالت باستعطافٍ للنادل:

ـ هل تكذبُ عليَّ؟ أخبرني بأنَّ هذا ليس صحيحًا، أو فلتخبرني لماذا ما زالت أشياؤُه هنا كما هي؟ كيف؟ كيف؟

 

النادلُ وكأنه ينفي عن نفسِه تُهمةً أو يدافعُ عنها:

ـ سيدتي، كما أخبرتُك، فإن الأستاذَ (أحمد) عليه رحمةُ الله، أحدُ روادِ المكانِ الدائمين، وقد كتبَ معظمَ أعمالِه هنا، وعلى هذه المائدة، وقد رأينا نحن أنه وفاءً لذكراه، سيكونُ هذا الركنُ تخليدًا له ولروحِه وأدبِه.

ولقد تركنا كلَّ شيءٍ بنفسِ موضعِه كما تركَه الأستاذُ (أحمد)، حتى نظارتُه قد تنازلَ عنها ورثتُه لتكونَ مع أوراقِه وقلمِه، وهي مهشَّمةٌ من أثرِ الحادثِ.

 

لم تتمالكْ نفسَها وهي تسمعُ ما يخبرُها به النادل؛ شعورٌ بالألمِ والحزنِ والعجزِ، مشاعرُ متضاربةٌ، شعرتْ بدُوارٍ شديدٍ، كادتْ تقعُ على الأرضِ من شدَّةِ الإرهاقِ والألمِ.

ذهبت بخُطًى ثقيلةٍ باتجاهِ المائدة، وجلستْ على نفسِ الكرسيِّ الذي كانت تُشاهده عليه.

بصوتٍ خافتٍ لا يكادُ يُغادِرُ شفتَيْها طلبتْ كوبًا من الماء.

 

ذهب النادلُ ليُحضِرَ لها الماءَ وهو يتمتمُ بشفاهِه كلماتٍ غيرَ مسموعةٍ تدلُّ على حيرتِه وعدمِ فهمِه للأمر:

ـ ترى مَن تكون؟ هل هي قريبته؟ أو إحدى قارئاتِه أو معجباتِه؟

ولكن كيف هذا؟ وهل هناك أحدٌ في الوطنِ العربيِّ لم يسمعْ بهذا الحادثِ المؤسف؟

ثم كيف تقولُ إنها تُشاهده منذ أسابيعَ وحتى الأمسِ على مائدتِه؟

بلا شكٍّ هي مختلَّةٌ عقليًّا!

حتى إنني لم أرَها من قبل، وهذه أولُ مرةٍ أشاهدُها هنا منذ عملي على مدارِ سنواتٍ.

 

كانت هذه كلماتُه لنفسِه قبل أن يُحضِرَ لها الماءَ ويسألَها إن كانت بخير.

أومأتْ برأسِها دلالةً على أنها بخير، وطلبتْ منه أن يتركَها بمفردِها قليلًا.

 

لم يتوقفْ هاتفُها عن الرنين، بصعوبةٍ بالغةٍ طالعتْه لترى اسمَ (فرح) تحاولُ بإلحاحٍ أن تطمئنَّ عليها.

ولكن كيف تردُّ عليها؟ وماذا عساها تُخبرُها؟ وكيف ستشرحُ لها ما تعجزُ هي عن فهمِه؟

هل ستُخبِرُها أنها قد أصابَتْها لَوْثَةٌ عقليةٌ، وأنها يوميًّا ترى شخصًا ميتًا فعليًّا منذ ثلاثةِ أسابيع؟

أم تغادرُ هذا المكانَ وتنسى كلَّ شيءٍ، وكأنَّ شيئًا لم يحدث؟

 

بصعوبةٍ بالغةٍ تناولت الكتابَ وفتحَتْه، وبمنتصفِه وجدت وردةً ذابلةً قد تآكلتْ أوراقُها، لكنها ما زالت تحتفظُ بنفسِ عبيرِها.

نعم، هي نفسُ الوردةِ التي أشارَ لها بها، هي متأكِّدةٌ من ذلك.

 

قلَّبتِ الأوراقَ وهي تتجوَّلُ بين الكلماتِ والحروفِ، فوجدتْ مسوَّدةَ الروايةِ، وكم كانت دهشتُها وحيرتُها عندما لمحت اسمَ الرواية، فقد كُتب بخطٍّ واضحٍ:

حُلمٌ عابرٌ وبين قوسين (أرواحٌ شبيهةٌ).

 

اغرورقتْ عيناها بالدموع، وهي تكادُ لا تُصدِّقُ ما تراه.

ـ كيف يُعقَلُ هذا؟

أَتُراه كابوسًا ستُفيقُ منه بعد دقائق؟

هذا اسمُها (حُلمٌ عابرٌ)، وهذا اسمُ روايتِه الأخيرةِ التي أخبرَها عنها النادلُ (أرواحٌ شبيهةٌ).

ترى ما الرابطُ بين اسمِها وبين اسمِ الرواية؟

بلْ ما كلُّ هذا الذي تراه وتُعايشُه ولا تستطيعُ تفسيرَه؟

 

وأثناءَ حيرتِها وتساؤلاتِها اللامتناهية، وجدتْ أقصوصةً صغيرةً كُتبتْ عليها كلماتٌ يبدو أن صاحبَها كتبَها بسرعةٍ وعلى عجلٍ، ولكنها واضحةٌ ويمكنُ قراءتُها.

 

كانت الكلماتُ تقولُ:

(أعلمُ أنكِ ستأتينَ إلى هنا، وذاتَ يومٍ سيقودُكِ الحنينُ، واعلمي أننا وإنْ لم يكنْ مُقدَّرًا لنا اللقاءُ هنا، فسنلتقي هناك... أحبُّكِ وكفى.)

وكانت الكلماتُ مذيَّلةً بتوقيعِه (أحمد مجدي).

 

لا شعوريًّا طوَتِ الورقةَ ووضعتْها بحقيبتِها، ونهضتْ بصعوبةٍ وهي تشعرُ بالاختناقِ ولا تكادُ تتنفَّسُ.

وأثناءَ محاولتِها النهوضَ من مكانِها للرحيل، اتجهتْ بعينيها إلى النافذةِ التي كانت تُطالعُها كلَّ يومٍ وتراه من خلالها،

فكادتْ أن تُصعَقَ في مكانِها!

 

فمن مكانِها بالكوفِي شوب رأتِ الحافلةَ متوقِّفةً بالإشارةِ المقابلةِ، وعلى نفسِ مقعدِها بجوارِ النافذةِ، وجدَتْه يُحدِّقُ بها ويتمتمُ بنفس الكلمةِ التي كان يُردِّدُها وهو يُشيرُ لها بالوردة.

 

نعم، إنَّه هو، بملامحِه التي تحفظُها عن ظهرِ قلبٍ!

كيف تبدَّلتِ الأدوارُ؟

أنا هنا على مائدتِه خلفَ أوراقِه وقلمِه، وهو بالحافلةِ على مقعدي بجوارِ النافذةِ!

 

وكان آخرُ ما رأتْه قبل أن تتهاوى أرضًا وتَصطدمَ بالمائدةِ، هي الحافلةُ تعبرُ إشارةَ المرورِ، وعيناها معلَّقتانِ بوجهِه وبشفاهِه التي تُردِّدُ نفسَ الكلمةِ...

 

ـــــــــــــــــــــــــ

يتبع

إحصائيات متنوعة مركز التدوين و التوثيق

المدونات العشر الأولى طبقا لنقاط تقييم الأدآء 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية) 

الترتيبالتغيرالكاتبالمدونة
1↓الكاتبمدونة نهلة حمودة
2↑1الكاتبمدونة غازي جابر
3↓-1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب
4↑3الكاتبمدونة آمال صالح
5↓الكاتبمدونة محمد شحاتة
6↓-2الكاتبمدونة خالد العامري
7↑2الكاتبمدونة ايمن موسي
8↓-2الكاتبمدونة خالد دومه
9↓-1الكاتبمدونة اشرف الكرم
10↑1الكاتبمدونة هند حمدي
 spacetaor

اگثر عشر مدونات تقدما في الترتيب 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية)

#الصعودالكاتبالمدونةالترتيب
1↑49الكاتبمدونة ايمان صلاح83
2↑39الكاتبمدونة خالد الخطيب71
3↑18الكاتبمدونة نورا شوقي192
4↑14الكاتبمدونة عبير سعد167
5↑13الكاتبمدونة هبة محمد193
6↑13الكاتبمدونة سلوى محمود239
7↑9الكاتبمدونة عطا الله حسب الله129
8↑8الكاتبمدونة رهام معلا119
9↑6الكاتبمدونة ايمان عبد الحليم63
10↑6الكاتبمدونة نهاد كرارة181
 spacetaor

أكثر عشر مدونات تدوينا

#الكاتبالمدونةالتدوينات
1الكاتبمدونة نهلة حمودة1112
2الكاتبمدونة طلبة رضوان769
3الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب714
4الكاتبمدونة ياسر سلمي678
5الكاتبمدونة اشرف الكرم605
6الكاتبمدونة مريم توركان573
7الكاتبمدونة آيه الغمري514
8الكاتبمدونة فاطمة البسريني436
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين428
10الكاتبمدونة سمير حماد 410

spacetaor

أكثر عشر مدونات قراءة

#الكاتبالمدونةالمشاهدات
1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب363519
2الكاتبمدونة نهلة حمودة216718
3الكاتبمدونة ياسر سلمي199451
4الكاتبمدونة زينب حمدي178426
5الكاتبمدونة اشرف الكرم144307
6الكاتبمدونة مني امين120263
7الكاتبمدونة سمير حماد 117001
8الكاتبمدونة فيروز القطلبي107948
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين107611
10الكاتبمدونة آيه الغمري102787

spacetaor

أحدث عشر مدونات إنضماما للمنصة 

#الكاتبالمدونةتاريخ الإنضمام
1الكاتبمدونة مريم فرج الله 2025-10-22
2الكاتبمدونة هاميس جمال2025-10-22
3الكاتبمدونة ايمان صلاح2025-10-16
4الكاتبمدونة خالد الخطيب2025-10-15
5الكاتبمدونة سلوى محمود2025-10-13
6الكاتبمدونة بيان هدية2025-09-27
7الكاتبمدونة محمد فتحي2025-09-01
8الكاتبمدونة أحمد سيد2025-08-28
9الكاتبمدونة شيماء حسني2025-08-25
10الكاتبمدونة سارة القصبي2025-08-24

المتواجدون حالياً

793 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع