وانتهت المرحلة الإبتدائية بكل ما فيها من براءة ومشاكسة لتبدأ مرحلة أخرى وفصل جديد من فصول الحياة المتتابعة..
إنتهت المرحلة الإبتدائية وقد خرجت منها بحب راسخ للقراءة وعشق بلا إنتهاء لكل ما هو مكتوب فلا يهم من كتبه أو ماذا كتب يكفي انها حروف تحملني إلى عوالم بعيدة لم تطأها أقدامي أو تراها عيني قصص وحكايات وعوالم لم أكن قبل القراءة أعرف عنها شئ..
بالصف الأول الإعدادي كانت مدرستي هى { إخوان بطرس} بينما ذهب الكثير من زملائي إلى المدرسة الإعدادية القديمة.
وبهذه المدرسة كان من حسن حظي أن يدرسني اللغة العربية الأستاذ / السيد قناوي الذي تميز بالطيبة والخلق القويم وعلمه الغزير ومما أذكره ولا أنساه من مواقف بيننا هو أنه كان يعطي مجموعات تقوية وكنت أحد التلاميذ الذين يذهبون إليه بالبيت للدرس وعندما إنتهى الشهر وذهبت له كغيري بالمال حتى وجدته يرفض رفضًا باتًا وقطعيًا أن يحصل على قيمة الدرس وهو يقول لي بإبتسامة ودودة أنت لست بحاجة للدرس مثلهم لتدفع لي ولكنك إضافة للمجموعة لتنشيطها كما لا أنسى أنه ذات يوم وقبل نهاية حصة الرياضيات بربع الساعة أتى ليستأذن لي من الأستاذ / ناصر فكري مدرس الرياضيات لأذهب معه حيث كان لديه حصة بأحد الفصول الأخرى من ثم يطلب مني شرح درس {عمر في رعيته} وقد كان طلب منا بالحصة السابقة أن تقرأه قبل أن يشرحه هو لنا وما أن إنتهيت من شرح الدرس حتى طلب من جميع الطلبة أن يصفقوا لي بقوة ودون توقف وكم أسعدني ذلك ومنحني الثقة وحب اللغة العربية بفضل هذا المدرس العظيم.
بالصف الثاني الإعدادي تم نقل الجميع إلى الإعدادية القديمة لتتحول إخوان بطرس إلى بنات فقط.
وبالإعدادية القديمة عشقت المكتبة ومن حسن حظي أن الأستاذ المسئول عن المكتبة كان الأستاذ /عبدالناصر والذي كنت أعرفه من خارج المدرسة من خلال معرفته بوالدي وقد إستغليت ذلك جدًا فكنت كل يوم أتجول بالمكتبة العامرة بكل ما لذ وطاب من الكتب لآخذ ما أستطيع حمله معي للمنزل.
بهذه الفترة عشقت الكتب التي تتحدث عن ما وراء الطبيعة ولا أنسى تلك السلسلة التي تحمل إسم أغرب من الخيال لمؤلف على ما أعتقد إسمه راجي عنايت
وما أن أذهب للبيت حتى أعد طقوسي الخاصة لإلتهام هذه الوجبة الدسمة.
وهكذا كلما قرأت أكثر كلما أحببت القراءة أكثر لأعيد ما أخذته وأحصل على ما هو أكثر وذلك بحجة أنني المندوب الثقافي عن فصلي.
بهذه الفترة كنت أحد المؤثرين بالإذاعة المدرسية وذلك من خلال المسابقات بين الفصول والتي كانت تشبه الدوري بخروج المغلوب والتصفية بين الفائزين.
كان مدرس العربي بالصف الثاني الإعدادي هو الأستاذ / محمد محمود شاب وسيم وشيك كما أنه يتميز بالهدوء والثقافة اللا محدودة ومما أذكره من مواقف معه أنه كانت لدينا حصة فارغة فتم ضمنا مع طلبة الصف الثالث الإعدادي داخل أحد الفصول الكبرى وبعد أن أنهى شرح الدرس وكالعادة ظل يطرح الأسئلة ليعرف مدى إستيعابهم للشرح ومع كل سؤال لا يجد من يرفع يده كنت أرفع يدي وعندما ينظر نحوي يدرك أنني بالصف الثاني فيتجاهلني وبعد أن تكررت أسئلته وعدم وجود من يجيب مع إلحاحي بالإجابة أوقفني لأجيبه عن جميع الأسئلة مما جعله يقول بضيق وهو يوجه حديثه لطلبة الصف الثالث الإعدادي المشكلة تكمن لديكم أنتم وعدم إنتباهكم وبالتالي عدم إستيعابكم..
رغم أن مكتبة الإعدادية القديمة كانت عامرة بالكتب إلا انها فتحت شهيتي للبحث خارج المكتبة ومن أوائل الناس الذين وجدت لديهم شغف وحب للقراءة كان إبن خالي حمادة السمان والذي يكبرني بسنوات قليلة فقد وجدت لديه نوع أخر من أنواع القراءة المتعددة مثل قصص المغامرات { الشياطين ال 13 و المغامرون الخمسة والقصص المصورة مثل ميكي ماوس والكثير من المجلات} ومن خلاله عرفت وعشقت حل الكلمات المتقاطعة بالصحف والمجلات كما أنه أول من شاركني السفر خارج مدينتنا لإستكشاف العالم من حولنا لنذهب إلى القاهرة والأقصر وغيرهما من المحافظات والمدن المصرية في أسفار لا تخلو من روح المغامرة والتي تحتاج للكثير من الوقت لسردها وربما يتم الإفراج عنها بوقت لاحق...