- حاول أن تسترخي قدر الإمكان..
كانت هذه العبارة موجَّهةً من المعالج النفسي لذلك الشاب الجالس أمامه على ذلك الكرسي المدولب راجعًا برأسه للخلف، ربما ليزيل ذلك التوتر الذي يعتريه بعنف.
بالخلفية كانت هناك موسيقى هادئة وإضاءة خافتة تترك انطباعًا وشعورًا بالسكينة للمريض الذي غاص بكامل جسده بهذا المقعد الوثير، الذي لم يعتَد الجلوس عليه من قبل.
المعالج: هل تشعر بأنك أفضل الآن بعد كل هذه الزيارات يا دونالد؟
دونالد بتهكم وسخرية: بالطبع لا، فأنا ما زلت -كما كنت دومًا- أبدو شخصًا مثيرًا للشفقة والسخرية.
الطبيب وهو يرسم على جبينه الجدية والاهتمام:
- ولمَ تقول ذلك.. هل أنت مستاء من شيء محدَّد؟
دونالد: هل تذكر عندما أخبرتني بالزيارة السابقة أنني أحتاج للاندماج بالمجتمع، وأنني يجب أن أتصالح مع نفسي أولًا، وأن أحب الجميع حتى يتقبَّلوني؟ وأنني إن استطعت أن أعبِّر عن هذا الحب للآخرين ببساطة ودون تكلُّف سوف أجد نفسي بينهم.
المعالج: نعم، أتذكَّر هذا جيدًا، وإن التزمت بذلك ستكون قد وضعت قدميك على أولى خطوات العلاج كما أخبرتك وقتها.
دونالد وهو يضحك بتهكم وسخرية قائلًا بحدة:
- لا أدري كيف أخبرك بهذا؟ بل لا أدري كيف كنت بهذه السذاجة لأصدِّقك.
الطبيب: ولمَ تقول ذلك؟
دونالد: حسنًا، دَعني أخبرك ماذا حدث لي وما تعرَّضت له بسبب نصائحك الشاذة.
أردف قائلًا:
- يومًا ما، كنت بإحدى الحدائق العامة، وقررت الأخذ بنصيحتك، لمَ لا فأنا لن أخسر شيئًا ، مددت يدي لبعض مرتادي الحديقة في ودٍّ وحب مع بعض عبارات الترحيب لأصافحهم، لكنهم تجاهلونني تمامًا وكأنني هواء أو عدم أو مصاب بالجزام أو مريض بمرض معدٍ.
استطرد قائلًا: لم أيأس من المحاولة الأولى، فطلبت من أحدهم أن أعانقه وأخبرته أنني أحبه، هل تعرف ماذا كان رد فعله؟ لقد سمعته يتمتم وهو يبتعد قائلًا:
- ابتعد عني، هل أنت شاذ أم معتوه؟
ليعقِّب قائلًا في اشمئزاز: أمثالك مكانهم مكب النفايات.
أعقب دونالد قوله بنظرة غاضبة صوَّبها نحو معالِجه قائلًا:
- كنت أعلم أنَّ هذا سيجعلني عُرضةً للسخرية، وما كان يجب أن أضع نفسي في هذا الموقف، لكنني أردت أن أثبت لك ولنفسي أولًا أنه عالم حقير، عالم مجنون وفاسد يستحق الدمار الشامل، كلهم فاسدون.. كلكم فاسدون.
نظر نحو الفراغ وهو يشيح ببصره بعيدًا: الجميع فاسدون.
المعالج وهو ينظر إليه نظرةً ثاقبةً ومباشرة:
- هل أفهم من ذلك أنك ما زلت مصرًّا على تدمير العالم؟
دونالد وقد ارتسمت الجدية على ملامحه:
- وهل تعتقد أنَّ هذا العالم يستحق الرحمة أو الشفقة؟
أعقب قائلًا: أنتم لستم سوى روبوتات تتحرك على الأرض بلا مشاعر، أو أحاسيس، أنتم أسرى لقوى خفية تحرِّككم عن بُعد كالدُّمى، لكنكم لا تدركون ذلك.
المعالج: ولمَ تقول ذلك؟
دونالد نظر للمعالج ثم قال هامسًا:
- حتى تتأكد أنَّ الجميع مخبولون، عليك أن تراقبهم عن كثب وتعرف ما بعقولهم وكيف يفكرون، ألَا ترى أنهم يضعون خططًا كثيرةً طويلة المدى لأعوامٍ قادمة ويحزنون لعدم تحقيقها، فيخسرون حاضرهم ومستقبلهم في الوقت نفسه ولا يستمتعون باللحظات التي بين أيديهم.
يتركون ما هو حقيقي من أجل سراب ومجهول.
ألَا ترى أنهم أغبياء يستحقون الفناء، ومن قبل ذلك تدمير خططهم الفاشلة، حتى لا يؤثروا بالأجيال القادمة.
المعالج: حسنًا يا صديقي، لكن عِدني أنك لن تدمرهم قبل أن تخبرني بذلك، فربما أشاركك الأمر، وربما أقول قد يأتي وقت وتجد أنهم يستحقون فرصةً أخرى، ومَن يدري فربما بوقتٍ ما قد تستطيع إقناعهم برؤيتك ووجهة نظرك.
دونالد وهو ينهض من على مقعده متوجهًا ناحية الخارج:
- لا أعِدك بذلك، لكن تابع الأخبار؛ فأنا -وللمرة الأولى بحياتي- سأكون البطل الأوحد للحدث الأكبر، ولن أعود أبدًا لمقاعد المتفرجين، لن أكون ذلك الكومبارس المشرَّد، بل سأكون البطل الذي يصنع الحدث.
صباح اليوم التالي وبحديقة عامة تقع في مواجهة وول ستريت، حيثُ يجتمع رجال المال والأعمال لإدارة أسهمهم المالية.
جلس دونالد يحمل بين يديه صحيفة الواشنطن بوست يقلٍّبها بين يديه دون أن يقرأ منها أي كلمة، بالقرب منه وبجانب قدميه حقيبة جلدية يطالعها بين الفينة والأخرى.
كان شارد الفكر عندما سمع صوت طفولي رقيق وهادئ يسأل بود:
- هل أنت جائع؟
دونالد وقد فاجأه السؤال لينظر تجاه الصوت، فوجد طفلةً لا تتعدَّى السادسة من عمرها ملائكية الملامح على شفتيها ابتسامة ساحرة وهي تمدُّ يديها نحوه بشطيرة محلاة.
دونالد وهو يبادلها الابتسامة:
- هل يبدو جليًّا أنني مشرَّد؟
أعقب قوله بسؤالها عن اسمها.
الفتاة في مرح:
- أنا جودي وأنت؟
أجابها في حب: أنا دونالد، وأشكركِ يا جودي؛ فأنا لست بجائع.
جودي: هل يمكنني الجلوس بجانبك لبعض الوقت؟
دونالد: ألَا تخشين التواجد مع الغرباء؟
جودي وهي تشير إلى الجهة المقابلة: لقد استأذنت من أمي وهي سمحت لي بالجلوس معك بضع دقائق حتى يأتي أبي، فهو ينهي بعض الأعمال بالجهة المقابلة.
دونالد: حسنًا، يمكنكِ الجلوس، حتى تنتهي أنتِ من شطيرتكِ، وأنتهي أنا من حل الكلمات المتقاطعة.
أخذ يدندن بلحن شهير قائلًا لها وكأنه يسألها:
- كلمة من أربعة حروف بمعنى انطلاقة، تُرى ماذا تكون؟
تجاهلت جودي سؤاله لترد عليه بسؤال مباغت: هل أنت شرير؟
دونالد وقد باغته السؤال: ولماذا تسألين هذا السؤال؟
جودي: لأنني شريرة.
دونالد مبتسمًا: وكيف أصبحتِ شريرةً أيتها الساحرة؟
جودي: أخبرني أولًا هل نحن أصدقاء؟ إن كنا أصدقاء فسأخبرك لماذا أنا شريرة، لكن عِدني أنَّ هذا سيصبح سرنا الصغير.
أخبرها دونالد أنه سعيد بصداقتها وهو يبتسم بود لعفويتها ونقائها، كما وعدها أنه لن يفشي سرهما الصغير لأحد.
رسمت جودي على وجهها نظرةً حزينةً وهي تقطب ما بين حاجبيها قائلة:
- أنا شريرة، لأنني أقطف بعض الزهور التي تروق لي خلسةً عن أمي، وهي أخبرتني أننا يجب ألَّا نقتل الزهور بقطفها حتى يستمتع بها الجميع، ومَن يفعل ذلك فهو شرير ومؤذٍ للزهور، كذلك أنا أحب وضع العصافير بقفص لإطعامها، وقد أخبرتنا المعلمة أننا يجب ألَّا نصادر حرية أي كائن حتى لو قدَّمنا له الطعام والشراب، ومَن يفعل ذلك فهو شرير، ألَا أصبح شريرةً هكذا؟
دونالد وقد سرح بخياله بعيدًا: وهل هذا هو مفهوم الشر بالنسبة لكِ يا صغيرتي؟
استطرد قائلًا بصوت عميق: ربما هي أمور خاطئة بالنسبة للبعض، لكن لا يبدو لي أنَّ هذا شر يا صديقتي.
جودي بابتسامة بريئة: وأنت؟ هل أنت شرير مثلي؟
دونالد وقد بدا الحزن على ملامحه: ربما أكون شريرًا من وجهة نظر الجميع، لكنني صنيعتهم، هم مَن غذُّوا الوحش بداخلي بأفعالهم واحتقارهم لي.
جودي: لم أفهم أأنت شرير أم لا؟ هل تقطف الزهور وتسجن العصافير وتؤذي الآخرين؟
دونالد وقد عاد برأسه للوراء وهو يأخذ نفَسًا عميقًا، أنا الزهرة التي قُطِفت وأُلقيت بالقمامة، أنا العصفور الذي سُجِن ولم يجد مَن يقدِّم له حتى الطعام والشراب مثل البهائم والحيوانات.
فجأة وبلا أي مؤشرات وقف دونالد وكأنه يؤدي حركةً مسرحيةً وهو يعود للخلف واضعًا يده على صدره قائلًا بصوت مسرحي جهوري:
- بين يديكِ سيدتي الجميلة أفشل وأتعس مخلوق على وجه الأرض.
ثم جلس على الأريكة وأغمض عينيه قائلًا بصوتٍ خافت لا يخلو من الحزن والألم:
- أنا ذلك الطفل البائس لأب سكِّير قاسٍ بلا عمل.
ليعقِّب قائلًا: كان وجود أبي بالمنزل بالنسبة لي كابوسًا لا ينتهي إلا بنومه بعد أن يتناول عشرات الزجاجات من الجعة أو بمغادرته المنزل، أبي أول أعدائي في الحياة وأول خذلان واجهته في حياتي، أبي لم يكن أبدًا إلا معول هدم في حياتي، فهو مَن تسبَّب بإدمان أمي ثم انتحارها، ليهرب بعد ذلك مع أخرى ويتركني وحيدًا أتنقل من دار رعاية لأخرى كالبؤساء والمشردين، أنا ذلك الشاب الذي تبرَّأ منه أقاربه وتخلَّى عنه الجميع، أنا صنيعتهم التي غذُّوها بالخوف والجوع والألم حتى لم أعُد أشعر بالجوع ولم يعُد الخوف يؤثِّر بي، بل أصبحت أتغذَّى وأستمتع برؤية الخوف في أعينهم.
مسح دموعًا تسلَّلت من بين مُقلتيه لتنساب فوق وجنتيه قائلًا:
- أنا ممثل مسرحي فاشل وشاعر مخبول ورجل غريب الأطوار كما يحلو لهم أن يصفوني، فهل علمتِ مَن أكون يا صغيرتي؟
جودي وهي تربت عليه بلُطف قائلة: قد سمعت أمي تقول بإحدى الندوات أنه لا يوجد ما يُسمَّى بالشر المطلَق، وأنَّ داخل كل إنسان شرير جانب مشرق، وكل ما يحتاجه هو بداية جديدة أو أمل واحد على الأقل ليعيش من أجله.
دونالد وقد انتفض وهو يقول بصوتٍ جاف وجهوري أخافَ جودي من حدته:
- أمكِ مخطئة يا صغيرتي، أخبري أمكِ أنها مخطئة، أخبريها أنَّ الأوان قد فات لذلك.
عندما كرَّر عبارته مرة أخرى كانت جودي تغادر باتجاه أمها، التي وعلى ما يبدو قد أشارت لها لتغادرا المكان.
للحظات تلفَّت دونالد يُمنةً ويُسرى، ليتأكد إن كان يهذي بإحدى نوبات هذيانه العديدة، التي كثيرًا ما كانت سببًا في تركه للعمل ووصفه بأنه فاشل وغريب الأطوار، عاد على الأريكة مرة أخرى ليلتقط أنفاسه ويتناول تلك الحقيبة الجلدية ويتفقَّد ما بها من متفجرات، للقيام بمهمته التي عقد العزم على تنفيذها، عندما اطمأن أنَّ كل شيء على ما يُرام، وأنَّ مؤقت التفجير يعمل ويشير إلى بقاء أقل من ساعة لتنفجر القنبلة.
حمل حقيبته واحتضنها وهو ينظر نحو الجهة المقابلة، حيثُ يجتمع صفوة المجتمع ورجال المال والأعمال من الطبقة المخملية الراقية، بخطوات ثابتة توجَّه دونالد نحو وول ستريت، حيثُ مقر البورصة والبنوك العالمية وكبرى شركات المال بتقاطع شارعَي مانهاتن وبردواي.
أثناء سيره بطريقه لتفجير المبنى تذكَّر حياته البائسة وتلك الخيبات التي تعرَّض لها بحياته وذلك الخذلان من الجميع، مرَّ كل ذلك أمامه وكأنه شريط سينما ليستعرض مراحل حياته المختلفة، التي لم تكن سوى بؤس وشقاء بمجتمعات لا تؤمن سوى بالمادة وتطبِّق قانون البقاء للأقوى، ربما استعاد كل لحظات شقائه ليستمد من آلامه القدرة والقوة على تنفيذ ما يصبو إليه.
تذكَّر جلساته مع المعالج، التي أكدت له حجم الفجوة والهُوَّة السحيقة بين طبقات المجتمع، وكيف أصبح العالم -كما القرون الوسطى- أسيادًا وعبيدًا دون صكوك ملكية، مجتمعات أخفقت بالتعايش فيما بينها عندما دمرت تلك الطبقة التي تحافظ على التوازن المجتمعي وهي الطبقة الوسطى، ليتحول المجتمع إلى طبقتين فقط أثرياء بلا حدود وفقراء بلا حدود، حُكَّام ومحكومين نُخبة ورُعاع، تنهَّد ثم أخذ نفَسًا عميقًا عندما وجد نفسه قد أصبح على أعتاب ذلك المبنى الفخم الذي لم يكن يمثِّل له سوى رمز لتسلُّط قوى الشر العالمية والتلاعب بمصائر البشر، بل الدول الخاضعة لهيمنة الرأسمالية العالمية، كان يفكر كيف له أن يجتاز البوابة الإلكترونية، التي تفحص كل ما يمر من البوابة وتظهر كل شيء، بل كيف يتجاوز أولئك الرجال المكلَّفين بحراسة المبنى الأشهر بالعالم.
تقدَّم بهدوء وثبات نحو بوابة الدخول، وما إن وصل حتى سمع صرخات تأتي من الداخل، وما هي إلا لحظات حتى ساد الهرج والمرج، ليجد نفسه بالداخل وهناك مَن يأمره بالانبطاح مثل الآخرين شاهرين أسلحتهم بوجوه الجميع الذين انصاعوا للأمر بما فيهم أمن المبنى وحراسه، كما يبدو أنها عملية سطو مسلح.
استجاب للأمر كالآخرين، لكن الفارق بينه وبينهم أنه لم يكن يشعر بالخوف مثلهم، حاول تفقُّد المكان برويَّة، كان الجميع بحالة رعب وفزع، وهناك ثلاثة رجال يرتدون الأقنعة ويوجِّهون أسلحتهم للجميع، كان الأمر يشبه أحد أفلام الأكشن الأمريكية أو تقليد لأحد مشاهد السرقة الهوليودية، في حقيقة الأمر لم يكن ما يحدث يخيفه أو يعنيه في شيء، فهم يستحقون ذلك وأكثر، بل إن ما يحدث أقل بكثير مما كان ينوي أن يفعله بهم، أليس هم مَن صنعوا تلك الفجوة بالمجتمع؟ فليتحمَّلوا إذًا وزر أخطائهم.
سمع صوت بكاء لطفلة صغيرة، وما إن التفت إليها حتى وجدها الطفلة نفسها التي شاركته الجلوس بالحديقة، نعم، إنها جودي، كانت جودي تحتضن أمها المنبطحة أرضًا بجوار والدها الذي يحتضن يديها الصغيرتين، ليبثَّ بها الشعور بالأمان، كان الخوف والرُّعب يكسو ملامحها البريئة ودموعها تنسل من بين عينيها الزرقاوين زُرقة السماء.
لا يدري كيف تحوَّلت مشاعره في هذه اللحظات إلى النقيض، كيف تغيَّرت أفكاره فجأةً من شخص يحاول تدمير الجميع إلى شخص يحاول باستماتة إنقاذ طفلة.
هل لأنها الوحيدة التي عاملته كإنسان؟ أم لأنها لم تخَف منه أو تتجنَّبه كما يفعل الآخرون، أو ربما لأن أمها ليست بسوء الآخرين، حاول فتح حقيبته بهدوء دون أن يلفت الانتباه إليه ودون أن يشعر به أحد، ما إن نجح في ذلك حتى أخرج القنبلة والمؤقت المثبت فوقها، ثم حملها بين يديه وهو يقف في ثبات رافعًا يديه للأعلى قائلًا في صوت مرتفع:
- إنها قنبلة ستنفجر بعد دقائق.
ليعقِّب قائلًا: بعد دقائق سيتحول الجميع إلى أشلاء.
نظر المهاجمون إلى بعضهم البعض وقد أدركوا أنهم أمام شخص مجنون، وأنهم هالكون لا محالة، اقترب منهم في خُطى ثابتة وواثقة وهو يأمرهم بإلقاء أسلحتهم أمامهم وإلا ماتوا مع الجميع، لم يكن أمامهم سوى الاستجابة لمطلبه، بالفعل ألقوا أسلحتهم أمامهم ثم تراجعوا للخلف كما أمرهم، أبعدهم عن الكاميرات حتى لا تظهر وجوههم، عندما كشف عن وجوههم لم يكونوا سوى شباب مراهقين ربما يقلِّدون أحد الأفلام الغربية التي تمتلئ بالعنف غير المبرر والحلم بالثراء السريع دون جهد أو تعب، لمَ لا؟ فهنا بلاد العم سام وأرض الأحلام كما يصفونها، للحظات شعر أنهم مثله ليسوا سوى ضحايا لمجتمعهم، لذلك قرر ألَّا يسلمهم للشرطة، عطَّل القنبلة أولًا ثم وضعها بالطرقة بعيدًا عن الجميع، بعد أن تأكد من تعطيلها طلب من اللصوص الابتعاد عن الكاميرات والانبطاح مع الآخرين وكذلك فعل هو واضعًا يديه خلف رأسه كما فعل جميع المتواجدين بالقاعة، لحظات وتقتحم الشرطة المكان لتساعد الجميع على النهوض، بسؤال المتواجدين بالداخل عن المهاجمين كانت إجابتهم واحدة:
- نحن لا نعلم مَن هم، ولا نعلم عنهم أي شيء.
خرج الجميع تحت حماية الشرطة، وبالخارج كان المكان يكتظ برجال الشرطة والصحافة ووكالات الأنباء ومراسلي الصحف المحلية والعالمية، كان دونالد يشعر بشعورٍ غريبٍ لم يشعر به من قبل.. شعور بالفخر، ارتسمت على شفتيه ابتسامة باهتة عندما أحسَّ بأنامل صغيرة تقترب من يديه وتضغط عليهما بشدة ثم تجذبه للأسفل، عندما نزل للأسفل ليقترب منها همست جودي بأذنه قائلة:
- "بداية".
قبل أن يتساءل عما تقصده بقولها هذا كانت تدسُّ بين أصابعه كارتًا عليه اسم والدها ورقم هاتفه، وهي تقول له مردِّدةً بهمس:
- ألَا تذكر الكلمة ذات الأربعة أحرف بمعنى انطلاقة؟ إنها "بداية".
قالت ذلك وهي تلوِّح له بيديها الصغيرتين مودِّعةً إيَّاه في حرارة، وعلى شفتيها ارتسمت ابتسامة ساحرة لم ولن ينساها إلى الأبد.
تمَّت
ياسر محمود سلمي
د. محمد عبد الوهاب المتولي بدر
د. راقية جلال محمد الدويك
د. سمر ابراهيم ابراهيم السيد
دينا سعيد عاصم
رهام يوسف معلا
ياره السيد محمود محمد الطنطاوي
فاطمة محمد البسريني
محمد محمد جاد محسن
د. نهله عبد الحكم احمد عبد الباقي
د. عبد الوهاب المتولي بدر
زينب حمدي
حنان صلاح الدين محمد أبو العنين
د. شيماء أحمد عمارة
د. نهى فؤاد محمد رشاد
فيروز أكرم القطلبي 




































