الشروق بالنسبة لها ليس مجرد ظهور يومي للشمس يتكرر كل صباح، إنما هو ولادة للأمل تتجدد كل يوم، تنتظر الشروق لتستمتع برائحة الندى وترانيم العصافير وألوان الزهور بعبقها وشذى عبيرها، تحلق عاليًا حتى تصل لعنان السماء تجاور القمر وتلهو مع النجوم، ترتفع وترتفع حتى ترقى وتسمو لتترفع عن كل الصغائر والضغائن وتوافه الأمور.
أحلامها حريرية الملمس شفافة كروحها المرهفة .
حياتها لا يحكمها سوى قانون واحد قانون فرضته العشوائية المفرطة والفوضى العارمة التي ترسم لوحة سريالية مصبوغة باللون الرمادي والذي تمقته بشده كما تمقت عدم الوضوح والمناطق الوسطى.
كان قانونها الأوحد والأهم هو ألا يخطفها بريق الأشياء ولا تخدعها المظاهر فليس دوماً كل ما يلمع ذهبًا، ولكن ماذا حدث ولماذا تخلت عن حرصها وألقت بقانونها الأوحد بغياهب الجب، لأول مره تجد نفسها مسلوبة الإرادة وكأنها مُسيرة بلا حول منها أو قوة.
كان الضوء مبهراً والدفء يشعرها بالقوة والتوهج تتخطفها خيوط القمر الفضية.
أرادت أن تخطو خطوتها الأول نحو الشفق يقودها خيال جامح.
مغمضة العينين سارت.
بهذه اللحظات نست أنها كائن رقيق لا يحتمل قسوة التجربة ومخاض الألم.
إنساقت وراء مشاعرها بعين قلبها يقودها الأمل والحنين يحركها الشغف والإشتياق، لم تدرك حجم المأساة إلا عندما تحول الدفء الذي يسرى بأوصالها إلى حريق يكتوي به فؤادها، تآكلت أجنحتها الملونة لتشعر بقانون الجاذبية يجرها للهاوية، هنا تذكرت القانون الذي كان يحميها وكسرته بلحظة ضعف، أدركت حجم الملهاة، أثناء سقوطها وعندما بدأت تتهاوى نحو النيران لم تكن تشعر بالألم أو حتى الندم، ولكنها أدركت الحكمة بعد فوات الأوان حيث لا ينفع الندم،فعندما كسرت ذلك القانون الذي كان يحميها كانت تلعب بالنار لتمتد وتحرق أجنحتها بمحض رغبتها.
وها هى تودع الشروق ليحل عليها غروب أبدي.
الأن فقط أدركت أن للقمر جانبان أحدهما مظلم.
ومازالت الشمس تبكي بدموع الندى مع كل صباح موت الأمل وانتحار أحلام الفراشات.
أما القمر فهو ينعي الفراشات الساذجة مع ولادة كل فجر وقت الشروق.