الفراق هو ذلك الشعور الثقيل الذي يتسلل إلى قلوبنا دون استئذان،يشبه غروب الشمس في يوم صيفي طويل؛ يبدأ ببطء ثم يتسارع دون أن نكون مستعدين له، نرى السماء تتغير ألوانها تدريجيًا، كما تتغير مشاعرنا، يترك وراءه فراغًا لا يمتلئ،فعندما نفترق عن من نحب، نشعر وكأننا فقدنا جزءًا من أنفسنا ،وذكريات عالقة في زوايا الروح، تلك الذكريات التي كانت في يومٍ ما مصدرًا للسعادة، تصبح ثقيلة وعبئ على القلب، تتجول نظراتنا في الأماكن التي كنا نتشاركها معهم، لكن بغيابهم، تظل الأماكن جامدة، لا تحمل سوى الحنين ، الحنين لتلك الأوقات التي كنا نعتقد أنها لن نتنتهي أبدًا.
الفراق ليس فقط غياب جسد، بل هو غياب دفء، وأمان ، وضحكات.
إنه الألم الذي يأتي من الإدراك أن الأشياء لن تعود كما كانت، وأننا سنضطر للمضي قدمًا رغم أن قلوبنا تظل معلقة في الماضي.
يصبح الفراق درسًا صعبًا في الحياة، يعلّمنا أن لا شيء يبقى على حاله، وأننا بحاجة لتقبل التغيير مهما كان مؤلمًا، لكنه أيضًا يفتح لنا أبوابًا للشفاء، حيث ندرك مع مرور الوقت أننا أقوى مما كنا نظن، وأن الحياة تحمل في طياتها بدايات جديدة، حتى لو كان الفراق قد غلف تلك البداية بالحزن،
وعلى الرغم من كل الألم الذي يجلبه لنا، إلا أنه يعلمنا الكثير عن أنفسنا، نتعلم كيف نتحمل الألم، وكيف نعيد بناء ذواتنا من جديد، وكيف نخلق مساحات جديدة للحب والأمل.
الفراق يجعلنا أكثر حكمة، لأنه يجبرنا على مواجهة أعمق مشاعرنا، هو تجربة تكشف لنا أن الحياة تستمر، وأننا قادرون على النهوض مرة أخرى، حتى بعد أعنف العواصف.