جلس أشرف وحده يتذكر كم مرة سامحها وكانت كالعادة تغيب عن البيت ذاهبة لبيت أبيها لأنها غاضبة واخبرته أنها لن تعود قبل ان ياتي معتذراً ويعترف بخطئه الفادح ..
كل مرة تترك البيت تزيل من داخل قلبه جزء من حبه لها ....
نظر لصورتهما معاً واندفعت دمعة غالية علي وجنته وكأنها شلال قد إنهمر بلا توقف ...
كانت الصورة تفيض بالحب الذى كان ...
أياماً لا يستطيع نسيانها بكل حلاوتها وبكل الشغف الذي كان فيها فالحياة كانت دافئة وهانئة وكأنها قصة من الخيال .
تذكر كيف سارت الحياة بينهما وكيف إكتشف أنه لن ينجب وأن هناك إستحالة لأن يكون أباً ...
مرت الأيام بصعوبة فزوجته هالة لا تتقبل عدم وجود اطفال لهما وهو يحاول إرضائها لأنه يحبها ولا يقدر علي إستكمال حياته بدونها ...
إنه الحب يا فريدة ... هكذا قال لأخته عندما عاتبته علي سكوته علي حال زوجته معه وصمته عن إسلوبها المستفز في التعامل معه ..
كانت هالة تعاقبه على ذنب لم يقترفه وكأنه متهم طوال الوقت ...
الا تعلم كم يشتهي كلمة بابا من شفاه طفله منها ولكنه قدر الله ولا راد لقضائه ..
استسلم لألم أحس به كطعم المر في فمه واحس بقلبه يؤلمه ..
قرر أن يذهب للمستشفي وقابل طبيبه وهو في نفس الوقت عمه الذي بادره قائلاً :أنت مهمل في نفسك دايماً بتجيني وانت تعبان يا تري المره دي إيه يا إبني ؟!!!
نظر لبعض الأشعات وقال له : لازم أحجزك المرة دي عندى هنا كلم هالة تجيلك حالتك تعبانه ..
نظر له عمه فوجده لا يرفع بصره عن الأرض فقال له : لا.. لا .. ما ينفعش الكلام ده دى تالت مرة تتخلي عنك وأنته تعبان ..يا إبنى اللي مشيلكش وقت تعبك وإحتياجك ملوش مكان في حياتك ..
اتصل عليها العم ولكنها أيضاً كالعادة لم ترد أو حتي تعاود الإتصال به ...
مر اسبوعان وأشرف في المستشفي وكأنهما عامان وهالة أيضاً لا تحدثه أو حتي تسأل عن حاله مع العلم أنه دائماً كان يذهب لها قبل مرور ثالث يوم من الزعل ..
نظر من شرفة حجرته وجد سيدة عجوز تضم رجل كهل بحب وتقبل يده في حنو أم ..
إنه يعرفها هذه الست إخلاص التي جاوزت الخامسة والستون وهذا زوجها الاستاذ حسين الذي جاوز الثمانون عاماً ..
هي تناديه الاستاذ فكان كل من في المستشفي يناديه مثلها ..
كم تمني أن تكون هالة تحبه مثلما تحب الست إخلاص زوجها ....
امسك موبايله وإتصل عليها وكعادتها مشغولة وأيضاً هو يعلم أنها لن ترد عليه ولكنه حاول ولآخر مرة أن يبقيها في حياته .
نعم لقد قرر أن يطلقها وأرسل لها رسالة بذلك وأن كافة حقوقها سوف تصلها اليوم مساءاً ويتمنى لها مستقبل أفضل مع زوج آخر ...
غالبته دموعه وأحس بالإنكسار فحلم حياته قد ضاع منه وللأبد ولكنه أزعن لرأى عمه بضرورة السفر للخارج وإستكمال علاجه هناك فحالته حرجة ..
تذكر قول والدته الراحلة : يا إبني إعتيادنا النعمه زي إعتيادنا نشم الريحة الحلوة اللي حطينها .. الأول بنشمها قووي وبعد كده بنتعود عليها فمش بنحس بيها .. مع الوقت بننسى إننا حطينا ريحة من الأصل وبنفضل نشم في روايح الناس حوالينا .
حدث أشرف نفسه :الآن يا امي إنكسرت زجاجة العطر .... ولن تشمها هالة مرة ثانية ..
لقد طارت الرائحة بعيداً ولن تدخل زجاجتها المكسورة ابداً ....








































