آخر الموثقات

  • شهر زاد
  • أودع حرفًا خلق لأجلك
  • ... لقاء في البيداء.. 
  • .... غربة مدينة... 
  • لستُ مدّعي الودّ
📚 خدمة النشر الورقي من مركز التدوين والتوثيق
حوّل أعمالك الرقمية إلى كتاب ورقي يحمل اسمك ورقم إيداع رسمي ✨
اكتشف التفاصيل الكاملة
كاتب الأسبوع

✍️ كاتب الأسبوع

الكاتب المبدع حسين درمشاكي

  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة د أماني عبد السلام
  5. وهم على الزجاج - قصة قصيرة
⭐ 4 / 5
عدد المصوّتين: 1

 

أشب بقامتي القصيرة لأراه من بعيد ببذلته الكلاسيكية ذات اللون الواحد، ونظارته السميكة، ظهره الأحدب يفصح عن عمر قضاه منحنياً على شواطئ الكتب. كان حين يقف أمام السبورة الخضراء، وقد حفظت شكل أصابعه التي ورمتها الأقلام، يصر على كتابة البسملة بخطه المميز. دوماً تفاخر بأيام دراسته في مدرسة الخطوط. لو وجد وقتاً رسم لنا حرفاً كبيرا، يشرّحه لنا، يرسمه بالتفصيل.. أو يكتب كلمة قصيرة بالديواني أو الثلث، هذا فوق الخط وهذا تحته، هذا اسمه إدغام وهذا طمس، هذا تاج وهذا جسر، يضبط الموازين باستمتاع كبير، وأراقبه يرسم تحفته متمهلاً، وأكاد أنهار حين تأتي المعلمة في الحصة التالية فتمحو التحفة هكذا بلا مبالاة. كان أحياناً يكتب العبارة على السبورة، "من تعرف إعراب هذه الكلمة؟". يصمت الفصل وتغطس الرؤوس وأرفع يدي من الصف الأخير مرتعشة باردة الأصابع. " مجرورة بالفتح لأنها ممنوعة من الصرف" ولم نكن قد درسناه بعد. قال "أحسنت".. كلمة إطراء كنت محرومة من مثلها في البيت!

في البيت كان أبي مثل الشهاب الذي يشير الجميع إليه، تتظاهر بأنك تراه مثلهم ، بينما لا تعرف ماذا يقصدون بالضبط، وتخجل أن تعترف فيتهمونك بالحمق. لا دليل على وجوده إلا اسم في بطاقة المدرسة، وظلال تقاطع الضوء العابر تحت عقب الباب في قلب الليل، وصوت خشن يعبر الأحلام الصغيرة.. تقول ماما "قومي سلمي على بابا". أجاهد لأراه، لأنهض من فراشي الدافئ الأرفق بي منه، تبلعني المرتبة وتغلق علي فمها القطني دون أن أسلم عليه.

في زمان ما كانت لحيته الخشنة تشوك خدي حين يقبلني، كان شوكاً لذيذاً مدغدغاً، يضمني فأشم رائحة الدخان ، أحببت رائحة الدخان لأجله. كنت أسمعه من خلف الجدران يقول لصاحبه عني: إنها أهدأ أبنائي وأشطرهم. ثم خلا العالم منه على حين غرة، أترى تلك الأقوال، وتلك الروائح، وتلك الأشواك كانت جميعها وهماً على زجاج النافذة التي تستأثر بشرودي؟!

وبينما كان مستر محمد يعبر باب الفصل، تندفع الدماء في الوجوه حتى تضيء جدران الفصل بالوردي. في الصف الأخير كنت، أعرف الجموع الشاذة وأجيب فوازيره اللغوية، وأقرأ الأشعار من الكتاب دون تأتأة ، وكان يكتفي بثنائه المقتضب.

" أخبريه يا ماما أن مستر محمد يقول لي إنني أشطر بنت في الفصل"، لم يقل مستر محمد ذلك، بل أخبرتني الفتيات الملازمات له أنه سماني "السوسة"، لأنه يظنني أذاكر كثيراً وأتعمد الاختفاء في الفصل حتى لا يصيبني الحسد! لم يشعر أبي بالغيرة لأن أباً آخر ينافسه، ولم يرسل لي مع أمي كلمة ثناء كنت أتشقق ظمأً إليها، أو لعله أرسلها وضاعت في الطريق.

تنخفض درجاتي في الشهر التالي، يظهر أبي ليلومني.. يومها تيقنت أخيراً أنه لم يكن أسطورة، وعاتبني مستر محمد أمام الفصل صراحة وتعريضاً، وكان ذلك أقسى عقاب تلقيته في حياتي. انتظرت أن يسألني "لماذا؟"، فراغه كان مزدحماً بفتيات الفصل، لم أجد لنفسي فرجة أتقدم عبرها إليه لأسأله بدوري: "لماذا؟".

زعلت منه وخاصمته، عاقبته بالصمت، بالكف عن إجابة الفوازير وإعراب الجمل، واحترفت الغطس برأسي مثل الأخريات. صموتة أنا، لم أخرج من قوقعتي إلا من أجل كلمة "أحسنت!".

ويوم قالوا إنه سيرحل عن المدرسة انقلب الفصل إلى مأتم عزاء، وتحاضنت الفتيات يعزين بعضهن، وبقيت وحدي في الصف الأخير، بيُتمي الذي لا يشعر به أحد، أقول لنفسي: كان مجرد وهم على النافذة!

دعته المديرة لحفل عيد الأم. لقد نسيته غالبية فتيات الفصل. انداح الضباب عن الزجاج، واكتشفن أنه لم يكن وسيماً جداً.. لم يكن ظريفاً بما يكفي..كان كبيراً جداً بالنسبة إلينا.. وكان مكبلاً بالنحو والصرف وكل تلك العلوم المجدولة السميكة.

سأذهب إليه وأعتذر عن صمتي، وأشكره على كل ما علمنيه، أخبره أنني صرت معلمة أكتب البسملة بخط الثلث على السبورة، وأقيم مسابقات النحو والأشعار بين الفتيات. قاومت خجلي، واخترقت الزحام حتى وصلت إليه ووقفت خلفه. كان يكلم المديرة، ويسلم على فتاتين من معجباته القدامى. مددت يدي المترددة ولمست كتفه العالية. " كيف حالك يا مستر؟" .. يلتفت لي بعيونه الكبيرة خلف النظارات، "أهلاً! كيف حالك يا.... يا ...".

ذكّرته باسمي الذي نسيه، ثم سرقت وجهه فتاة أخرى قبل أن ينطقه. تراجعت للخلف.. برقت في رأسي ذكرى موقف مماثل كنت فيه طالبة في الثانية عشرة، تركت الحفل وعدت إلى الفصل.. ابتلعني بفراغه وأغلق عليّ فمه الخشبي. جلست في الصف الأخير، وأخرجت ورقة من كراسة الواجب وأخذت أحكي لها ما حدث. استغرقني الحكي حتى انتهت الحفلة ودق جرس "المرواح"، ولم يشعر مستر محمد بغيابي كما لم يشعر بحضوري.

في البيت وجدت أبي راقداً في الفراش قد أقعده المرض عن الغياب في أكوانه المجهولة. جلست جواره ومسحت على رأسه المحموم. "كيف حالك يا صغيرة!" " أبي.. لقد كتبت قصة اليوم.. تريد أن تسمعها؟"

اعتدل على مرفقيه وتناول منديلاً وهو يقول بصوته الأجش تنث معه رائحة التبغ:

"بالطبع، إنني أطق من الضجر".

أخرجت الورقة المجعدة من حقيبة المدرسة وشرعت أقرأ: " أخيراً..".

 

 

 

أحدث الموثقات تأليفا
مدونة خالد عويس

الكاتب: خالد عبد العظيم أحمد علي (عويس)

رقم التوثيق: 29498

عدد المشاهدات: 1

تاريخ التأليف: 7-11-2025


مدونة حنان صلاح الدين

الكاتب: حنان صلاح الدين محمد أبو العنين

رقم التوثيق: 29497

عدد المشاهدات: 1

تاريخ التأليف: 7-11-2025


مدونة نهلة احمد حسن

الكاتب: نهلة أحمد حسن

رقم التوثيق: 29492

عدد المشاهدات: 8

تاريخ التأليف: 7-11-2025


مدونة سمير حماد

الكاتب: د. سمير عبد الله حماد

رقم التوثيق: 29490

عدد المشاهدات: 6

تاريخ التأليف: 7-11-2025


مدونة منى أحمد

الكاتب: منى أحمد محمد إبراهيم

رقم التوثيق: 29489

عدد المشاهدات: 4

تاريخ التأليف: 7-11-2025


مدونة نجلاء البحيري

الكاتب: نجلاء محمود عبد الرحمن عوض البحيري

رقم التوثيق: 29480

عدد المشاهدات: 28

تاريخ التأليف: 7-11-2025


مدونة مي القاضي

الكاتب: مي ابراهيم محمد القاضي

رقم التوثيق: 29479

عدد المشاهدات: 9

تاريخ التأليف: 7-11-2025


مدونة سحر حسب الله

الكاتب: سحر حسب الله عبد الجبوري

رقم التوثيق: 29476

عدد المشاهدات: 14

تاريخ التأليف: 6-11-2025


مدونة ايمن موسي

الكاتب: أيمن موسي أحمد موسي

رقم التوثيق: 17070

عدد المشاهدات: 8

تاريخ التأليف: 6-11-2025


مدونة محمد خوجة

الكاتب: محمد بن الحسين بن ادريس خوجه

رقم التوثيق: 29469

عدد المشاهدات: 6

تاريخ التأليف: 6-11-2025

أكثر الموثقات قراءة
إحصائيات متنوعة مركز التدوين و التوثيق

المدونات العشر الأولى طبقا لنقاط تقييم الأدآء 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية) 

الترتيبالتغيرالكاتبالمدونة
1↓الكاتبمدونة نهلة حمودة
2↓الكاتبمدونة غازي جابر
3↓الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب
4↓الكاتبمدونة آمال صالح
5↑2الكاتبمدونة ايمن موسي
6↑7الكاتبمدونة حسين درمشاكي
7↓-2الكاتبمدونة محمد شحاتة
8↓-2الكاتبمدونة خالد العامري
9↑1الكاتبمدونة هند حمدي
10↓-1الكاتبمدونة اشرف الكرم
 spacetaor

اگثر عشر مدونات تقدما في الترتيب 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية)

#الصعودالكاتبالمدونةالترتيب
1↑27الكاتبمدونة سلوى محمود212
2↑14الكاتبمدونة أميرة رفعت130
3↑14الكاتبمدونة إيناس عراقي181
4↑11الكاتبمدونة ايمان صلاح72
5↑10الكاتبمدونة نجلاء البحيري25
6↑10الكاتبمدونة عبير مصطفى29
7↑10الكاتبمدونة هاميس جمال164
8↑8الكاتبمدونة خالد الخطيب63
9↑7الكاتبمدونة حسين درمشاكي6
10↑7الكاتبمدونة نهلة احمد حسن102
11↑7الكاتبمدونة امل محمود233
 spacetaor

أكثر عشر مدونات تدوينا

#الكاتبالمدونةالتدوينات
1الكاتبمدونة نهلة حمودة1118
2الكاتبمدونة طلبة رضوان769
3الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب711
4الكاتبمدونة ياسر سلمي680
5الكاتبمدونة اشرف الكرم606
6الكاتبمدونة مريم توركان573
7الكاتبمدونة آيه الغمري514
8الكاتبمدونة فاطمة البسريني437
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين432
10الكاتبمدونة شادي الربابعة412

spacetaor

أكثر عشر مدونات قراءة

#الكاتبالمدونةالمشاهدات
1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب363448
2الكاتبمدونة نهلة حمودة217999
3الكاتبمدونة ياسر سلمي200250
4الكاتبمدونة زينب حمدي178683
5الكاتبمدونة اشرف الكرم144865
6الكاتبمدونة مني امين120442
7الكاتبمدونة سمير حماد 117301
8الكاتبمدونة فيروز القطلبي108371
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين108171
10الكاتبمدونة آيه الغمري103328

spacetaor

أحدث عشر مدونات إنضماما للمنصة 

#الكاتبالمدونةتاريخ الإنضمام
1الكاتبمدونة مريم الدالي2025-11-05
2الكاتبمدونة محمد خوجة2025-11-04
3الكاتبمدونة جيهان عوض 2025-11-04
4الكاتبمدونة محمد مصطفى2025-11-04
5الكاتبمدونة حسين العلي2025-11-03
6الكاتبمدونة داليا نور2025-11-03
7الكاتبمدونة اسراء كمال2025-11-03
8الكاتبمدونة علاء سرحان2025-11-02
9الكاتبمدونة عبد الحميد ابراهيم 2025-11-02
10الكاتبمدونة فاطمة حجازي2025-11-02

المتواجدون حالياً

413 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع