هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • أكثر ما ينهك
  • عَتَمَاتُكَ المبصرة
  • لَا تُسَلِّمْ قَلْبَكَ لِمَا لَمْ يُصَلِّ لِأَجْلِكَ
  • التي تكتب ولا تقول… حتى الآن
  • حين يُساء فهمك...
  • يا سَيدةَ الحكايا الثقيلة...
  •  المدلل
  • طبتم وطاب ناديكم
  • مِلك ايديك
  • ونحلف انا وانت نتقاسم 
  • التربية عبر الأجيال.. ليست تحديًا سلبيًا، بل فرصة لتعزيز التفاهم العاطفي والتواصل بين الأسرة
  • الهوسُ المرضيّ
  • وفي حبّك… أنا القُربان
  • رجل من نوع آخر 
  • مسرحية هاملت: مأساة التردد وصراع الوجود
  • في حضرة الحب… لا يموت الرجال
  • استسلام من إستسلموا
  • طريق النهاية
  • دور لا يناسبهم
  • إفلاس حقيقي
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة د أماني عبد السلام
  5. وهم على الزجاج - قصة قصيرة

 

أشب بقامتي القصيرة لأراه من بعيد ببذلته الكلاسيكية ذات اللون الواحد، ونظارته السميكة، ظهره الأحدب يفصح عن عمر قضاه منحنياً على شواطئ الكتب. كان حين يقف أمام السبورة الخضراء، وقد حفظت شكل أصابعه التي ورمتها الأقلام، يصر على كتابة البسملة بخطه المميز. دوماً تفاخر بأيام دراسته في مدرسة الخطوط. لو وجد وقتاً رسم لنا حرفاً كبيرا، يشرّحه لنا، يرسمه بالتفصيل.. أو يكتب كلمة قصيرة بالديواني أو الثلث، هذا فوق الخط وهذا تحته، هذا اسمه إدغام وهذا طمس، هذا تاج وهذا جسر، يضبط الموازين باستمتاع كبير، وأراقبه يرسم تحفته متمهلاً، وأكاد أنهار حين تأتي المعلمة في الحصة التالية فتمحو التحفة هكذا بلا مبالاة. كان أحياناً يكتب العبارة على السبورة، "من تعرف إعراب هذه الكلمة؟". يصمت الفصل وتغطس الرؤوس وأرفع يدي من الصف الأخير مرتعشة باردة الأصابع. " مجرورة بالفتح لأنها ممنوعة من الصرف" ولم نكن قد درسناه بعد. قال "أحسنت".. كلمة إطراء كنت محرومة من مثلها في البيت!

في البيت كان أبي مثل الشهاب الذي يشير الجميع إليه، تتظاهر بأنك تراه مثلهم ، بينما لا تعرف ماذا يقصدون بالضبط، وتخجل أن تعترف فيتهمونك بالحمق. لا دليل على وجوده إلا اسم في بطاقة المدرسة، وظلال تقاطع الضوء العابر تحت عقب الباب في قلب الليل، وصوت خشن يعبر الأحلام الصغيرة.. تقول ماما "قومي سلمي على بابا". أجاهد لأراه، لأنهض من فراشي الدافئ الأرفق بي منه، تبلعني المرتبة وتغلق علي فمها القطني دون أن أسلم عليه.

في زمان ما كانت لحيته الخشنة تشوك خدي حين يقبلني، كان شوكاً لذيذاً مدغدغاً، يضمني فأشم رائحة الدخان ، أحببت رائحة الدخان لأجله. كنت أسمعه من خلف الجدران يقول لصاحبه عني: إنها أهدأ أبنائي وأشطرهم. ثم خلا العالم منه على حين غرة، أترى تلك الأقوال، وتلك الروائح، وتلك الأشواك كانت جميعها وهماً على زجاج النافذة التي تستأثر بشرودي؟!

وبينما كان مستر محمد يعبر باب الفصل، تندفع الدماء في الوجوه حتى تضيء جدران الفصل بالوردي. في الصف الأخير كنت، أعرف الجموع الشاذة وأجيب فوازيره اللغوية، وأقرأ الأشعار من الكتاب دون تأتأة ، وكان يكتفي بثنائه المقتضب.

" أخبريه يا ماما أن مستر محمد يقول لي إنني أشطر بنت في الفصل"، لم يقل مستر محمد ذلك، بل أخبرتني الفتيات الملازمات له أنه سماني "السوسة"، لأنه يظنني أذاكر كثيراً وأتعمد الاختفاء في الفصل حتى لا يصيبني الحسد! لم يشعر أبي بالغيرة لأن أباً آخر ينافسه، ولم يرسل لي مع أمي كلمة ثناء كنت أتشقق ظمأً إليها، أو لعله أرسلها وضاعت في الطريق.

تنخفض درجاتي في الشهر التالي، يظهر أبي ليلومني.. يومها تيقنت أخيراً أنه لم يكن أسطورة، وعاتبني مستر محمد أمام الفصل صراحة وتعريضاً، وكان ذلك أقسى عقاب تلقيته في حياتي. انتظرت أن يسألني "لماذا؟"، فراغه كان مزدحماً بفتيات الفصل، لم أجد لنفسي فرجة أتقدم عبرها إليه لأسأله بدوري: "لماذا؟".

زعلت منه وخاصمته، عاقبته بالصمت، بالكف عن إجابة الفوازير وإعراب الجمل، واحترفت الغطس برأسي مثل الأخريات. صموتة أنا، لم أخرج من قوقعتي إلا من أجل كلمة "أحسنت!".

ويوم قالوا إنه سيرحل عن المدرسة انقلب الفصل إلى مأتم عزاء، وتحاضنت الفتيات يعزين بعضهن، وبقيت وحدي في الصف الأخير، بيُتمي الذي لا يشعر به أحد، أقول لنفسي: كان مجرد وهم على النافذة!

دعته المديرة لحفل عيد الأم. لقد نسيته غالبية فتيات الفصل. انداح الضباب عن الزجاج، واكتشفن أنه لم يكن وسيماً جداً.. لم يكن ظريفاً بما يكفي..كان كبيراً جداً بالنسبة إلينا.. وكان مكبلاً بالنحو والصرف وكل تلك العلوم المجدولة السميكة.

سأذهب إليه وأعتذر عن صمتي، وأشكره على كل ما علمنيه، أخبره أنني صرت معلمة أكتب البسملة بخط الثلث على السبورة، وأقيم مسابقات النحو والأشعار بين الفتيات. قاومت خجلي، واخترقت الزحام حتى وصلت إليه ووقفت خلفه. كان يكلم المديرة، ويسلم على فتاتين من معجباته القدامى. مددت يدي المترددة ولمست كتفه العالية. " كيف حالك يا مستر؟" .. يلتفت لي بعيونه الكبيرة خلف النظارات، "أهلاً! كيف حالك يا.... يا ...".

ذكّرته باسمي الذي نسيه، ثم سرقت وجهه فتاة أخرى قبل أن ينطقه. تراجعت للخلف.. برقت في رأسي ذكرى موقف مماثل كنت فيه طالبة في الثانية عشرة، تركت الحفل وعدت إلى الفصل.. ابتلعني بفراغه وأغلق عليّ فمه الخشبي. جلست في الصف الأخير، وأخرجت ورقة من كراسة الواجب وأخذت أحكي لها ما حدث. استغرقني الحكي حتى انتهت الحفلة ودق جرس "المرواح"، ولم يشعر مستر محمد بغيابي كما لم يشعر بحضوري.

في البيت وجدت أبي راقداً في الفراش قد أقعده المرض عن الغياب في أكوانه المجهولة. جلست جواره ومسحت على رأسه المحموم. "كيف حالك يا صغيرة!" " أبي.. لقد كتبت قصة اليوم.. تريد أن تسمعها؟"

اعتدل على مرفقيه وتناول منديلاً وهو يقول بصوته الأجش تنث معه رائحة التبغ:

"بالطبع، إنني أطق من الضجر".

أخرجت الورقة المجعدة من حقيبة المدرسة وشرعت أقرأ: " أخيراً..".

 

 

 

إحصائيات متنوعة

المدونات العشر الأولى طبقا لنقاط تقييم الأدآء 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية) 

الترتيبالتغيرالكاتبالمدونة
1↓الكاتبمدونة نهلة حمودة
2↑1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب
3↑2الكاتبمدونة محمد شحاتة
4↓الكاتبمدونة اشرف الكرم
5↓-3الكاتبمدونة ياسمين رحمي
6↑4الكاتبمدونة حاتم سلامة
7↓-1الكاتبمدونة حنان صلاح الدين
8↑1الكاتبمدونة حسن غريب
9↓-2الكاتبمدونة ياسر سلمي
10↓-2الكاتبمدونة آيه الغمري
 spacetaor

اگثر عشر مدونات تقدما في الترتيب 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية)

#الصعودالكاتبالمدونةالترتيب
1↑25الكاتبمدونة نورا شوقي200
2↑19الكاتبمدونة رشيد سبابو212
3↑17الكاتبمدونة محمد جاد78
4↑14الكاتبمدونة غازي جابر67
5↑9الكاتبمدونة خالد دومه30
6↑9الكاتبمدونة شيماء عصام124
7↑8الكاتبمدونة احمد كريدي98
8↑8الكاتبمدونة نجلاء محجوب142
9↑7الكاتبمدونة محمود سليمان (الشيمي)158
10↑6الكاتبمدونة مها الخواجه29
11↑6الكاتبمدونة سعاد سيد187
 spacetaor

أكثر عشر مدونات تدوينا

#الكاتبالمدونةالتدوينات
1الكاتبمدونة نهلة حمودة1069
2الكاتبمدونة طلبة رضوان769
3الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب690
4الكاتبمدونة ياسر سلمي652
5الكاتبمدونة مريم توركان573
6الكاتبمدونة اشرف الكرم568
7الكاتبمدونة آيه الغمري496
8الكاتبمدونة فاطمة البسريني424
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين417
10الكاتبمدونة شادي الربابعة402

spacetaor

أكثر عشر مدونات قراءة

#الكاتبالمدونةالمشاهدات
1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب330686
2الكاتبمدونة نهلة حمودة186879
3الكاتبمدونة ياسر سلمي178535
4الكاتبمدونة زينب حمدي168931
5الكاتبمدونة اشرف الكرم127968
6الكاتبمدونة مني امين116115
7الكاتبمدونة سمير حماد 106367
8الكاتبمدونة فيروز القطلبي97321
9الكاتبمدونة مني العقدة93886
10الكاتبمدونة مها العطار87399

spacetaor

أحدث عشر مدونات إنضماما للمنصة 

#الكاتبالمدونةتاريخ الإنضمام
1الكاتبمدونة عبد الكريم موسى2025-06-15
2الكاتبمدونة عزة الأمير2025-06-14
3الكاتبمدونة محمد بوعمامه2025-06-12
4الكاتبمدونة محمد عسكر2025-06-04
5الكاتبمدونة عبير سعد2025-05-23
6الكاتبمدونة هاله اسماعيل2025-05-18
7الكاتبمدونة اريج الشرفا2025-05-13
8الكاتبمدونة هبه الزيني2025-05-12
9الكاتبمدونة مها الخواجه2025-05-10
10الكاتبمدونة نشوة ابوالوفا2025-05-10

المتواجدون حالياً

892 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع