في عيد الحب المصري..
قررتُ تجديد عهودنا سويًّا، تتساءلون من هو ذاك الذي قررتُ تجديدي عهودي معه؟؟ يا لغرابة تساؤلاتكم..! طالما هو عيدٌ مصري.. فهو رجلٌ مصريٌ بالتأكيد، ماذا؟؟ ما كنتم تتوقعون كونه رجلًا.. لا أدري لِمَ ألمحُ سحابات السخرية تغلف سماءكم؟ أكنتم تنتظرون مني أن أذكرَ لكم اسمه هكذا بكل بساطة؟ بالله كم أنتم ساذجون حقًا..! على أية حال دعونا من تلك الهمهمات التي بدأت تتعالى في محيط وجودكم، ولتسمعوا القصة منذ البداية..
أنتم تعرفون "مازن" جارنا الذي يقطن في نهاية الشارع أليس كذلك؟ ماذا..؟؟ لا تذكرونه.. عجبًا..!! كنت أظنه أشهر من سارية علمٍ فوق برجٍ شاهق، ليس هذا هو محور حديثنا على أية حال، لندع "مازن" جانبًا الآن ولنعد لقصتي مع "مراد"..
من هو مراد؟ ألا ترون أنكم تكثرون من الأسئلة هذه الأيام!؟ إنه ذاك الشاب طويل القامة الذي كان قد استأجر الشقة المقابلة لشقتنا منذ عامين كاملين، لا تذكرونه هو الآخر!! لا يهم.. يكفي أني لا زلتُ أذكره، لا زالت عيناه تنيران ظلام أيامي، وصوته وهو يخبرني أنه (صباح الخير) لا يزال صداه يدوي بأنحاء وجداني...
شهران كاملان وهو يخبرني أنه صباحٌ جميلٌ كلما التقاني على الدرج وهو في طريقه للخروج، يبتسم لي ابتسامته الصافية تلك ثم يذهب إلى عمله، شهران كاملان.. ثم جاءت تلك الحدأة التي تعمل معه بالمكتب الهندسي واختطفته من بين حنايا روحي، لا أدري ما الذي أعجبه بها حقًا؟ فمن وجهة نظري هي مجرد أفعى ناعمة الملمس تُجيد تلطيخ وجهها بالأصباغ. لم يمض وقتٌ طويلٌ حتى أعلن خطبته عليها ثم تزوجها بعد شهرين آخرين.
يا لها من امرأةٍ لعوبٍ!! ألا تبًا لها.. بل ألا تبًا له هو، إذ كيف ينسى عهودنا سويًّا؟ كيف تناسى قلبه كل تلك الصباحات المشرقة التي كان يلتقيني بها عند الدرج؟ كيف طاوعته روحه على تجاهل كل كلمات الحب المستترة خلف عبارة (صباح الخير) التي اعتاد مبادرتي بها؟ أيعقلُ أن ينساني هكذا سريعًا؟ إن قلبي يرفض التصديق حتى الآن، ولكني لم أرضخ للأمر كما خمنتم، فأنا امرأة باسلة تجيد استعادة حقها المسلوب بوسائل عدة، أسمع أحدكم يتساءل عمَ انتويتُ فعله مع "مراد" في عيد الحب.. عجبًا!! كيف خمنتم أنه "مراد" على الرغم من أني لم أذكر اسمه أمامكم من قبل؟ يبدو أنه لا شيء يخفى عليكم.
حسنًا.. لتنصتوا جيدًا.. أتذكرون "مشمش"؟ ذلك القط المزعج الذي طالما أضج مضاجعنا بموائه، والذي كان "مراد" يعطف عليه كثيرًا ويلقي إليه ببقايا الطعام، حتى أنه كان يحمله معه في بعض الأوقات ليضعه قرب باب شقته، فكنتُ أحنو عليه أنا الأخرى ليعلم أننا على نفس موجة الحنين، أعلم قدر حبه لذاك القط لدرجة أنه أراد أخذه معه إلى بيته الجديد لولا رفض زوجته لذلك؛ لذا.. فقد أرسلتُ له جسد هذا ال "مشمش" ممزق الأوصال في علبة وردية اللون زينتها بشريط براق على عنوان بيته، هكذا لن ينساني مجددًا، ستظل صورة "مشمش" الملوثة بالدماء تطارد أحلامه وتذكره بي كلما اختلى إلى نفسه.
بالله عليكم هل سبق وأن رأيتم عاشقة مرهفة الحس مثلي تجيد تجديد عهودها مع من تركها ورحل مع امرأةٍ أخرى غيرها؟
لا أظن..
كل ما أرجوه منكم الآن هو أن تكتموا السر.. ها قد سرقنا الوقت مجددًا، لذا أستميحكم عذرًا.. فلا بد لي من النزول سريعًا لأنقدَ ذلك الفتى الذي يقطن في نهاية الشارع أجره على مساعدته لي في تمزيق أوصال "مشمش" بعيدًا عن الجميع، تقولون أنكم تعلمون أن من ساعدني هو "مازن"!!
يا الله..!! يبدو أن للحيطان آذان كما يقولون... لا بأس إن علمتم بالأمر، فقد أصبحتُ أثق بكم الآن.
ولكن بالله عليكم في عيد الحب المصري..
لا تسألوني ما اسمه حبيبي.