لن يرتوي من الماء من لم يعرف العطش، ولن يشعر بقيمة النور من لم يذق ظلمة الليل.
هكذا البشر يا صديقي… قد تبذل لهم نهرًا من حبّ، وهم لا يريدون سوى قطرة من أحدٍ آخر.
قد تفيض بالمشاعر، تظن أنك تُحيي قلبًا ميتًا، بينما هو في الحقيقة لم يُفتح لك بابًا من البداية.
لا تركض وراء من لا يشعر بك، ولا تمنح دفئك لمن اعتاد البرد ولا يشتاق للنار.
ليس كل صامت محتاج، وليس كل غياب علامة على الشوق.
هناك من يعيش مكتفيًا بنفسه، لا ينتظر حضورك، ولا يتألم لفقدك، وإن ظننتَ أنه يفعل.
تعلم أن تعطي بعقل القلب، لا بعاطفته.
امنح اهتمامك لمن يفرح حين يراك، لمن إذا غبت شعر بالفراغ، لا لمن يراك حضورًا عابرًا لا يترك أثرًا.
فالعطاء حين يُسرف في غير موضعه، يتحول من فضيلة إلى استنزاف، ومن حب إلى وجع.
توقف عن السكب في أكوابٍ مثقوبة، عن السعي لمن لا يرى فيك إلا محطة مؤقتة.
أنت لست ظلًا لأحد، ولا صدقة عاطفية تُوزّع على من لا يحتاج.
أنت نبع، لكنك لست مجبرًا أن تجري في كل أرضٍ عطشى.
اعطِ قلبك لمن يُحسن الاحتفاظ به، اهتم بمن يشعر بك دون كلام، وابحث عن الذين إذا سُقيتَ جرعة حبٍّ منهم، رويَتَ لعمرٍ كامل.
ففي النهاية، الذي لم يعرف العطش لن يقدّر الماء، والذي لم يفتقدك، لن يشعر بقيمة وجودك، والذي لا يحتاج إليك… لن يسقيه فيضك مهما تدفقت.





































