لا تنتظر
كم من لحظةٍ ضاعت لأننا صدّقنا أن الغد أوفى من اليوم، وأن الفرص تعود كما تعود الفصول. لكن الحقيقة القاسية أن الحياة لا تُعيد مشهدًا غادرنا، ولا تمنحنا فرصةً ثانية لقول ما كان يجب أن يُقال.
لا تستمر في العناد، ولا تتكئ على كبريائك كأنه درع نجاة، فالزمن لا يُنصف المترددين. لا تقل: “سأنتظر الوقت المناسب لأعاتب، لأعتذر، لأقول إنني أحب.”
الوقت ذاته هو الوقت المناسب، والانتظار هو موتٌ بطيء للحظةٍ كان يمكن أن تُنقذ روحًا، أو تُصلح قلبًا.
الاعتذار ليس ضعفًا، بل وعيٌ بالنُبل الإنساني. والرجولة — في معناها الأوسع — هي أن تعترف، أن تَصلح، أن تُبادر، لا أن تختبئ خلف الصمت.
لا تنتظر، فقد يُغادر من تُحبّ قبل أن تمنحه الكلمة التي كانت ستُبقيه.
نحن بشر، نخطئ ونصيب، نحاول أن نُحسِن، ونفشل أحيانًا. لا تبحث عن كمالٍ لا يسكن الأرض، فكل إنسانٍ يحمل عيبًا يوازي جماله.
أحبّ، واعتذر، وقل ما في قلبك الآن…
لأن الحياة — يا صديقي — لا تُجرَّب مرتين.
كم من شخصٍ أضاع عمره في حساب اللحظات، ناسيًا أن اللحظة الوحيدة التي نملكها هي الآن.
كم من قلبٍ انكسر لأنه انتظر كلمةً صغيرة كانت كفيلة بترميمه، لكن الكبرياء وقف حارسًا على شفاهٍ صامتة.
لا تجعل العناد يسرق منك ما هو أثمن من النصر… السكينة.
الحياة ليست سباقًا لتُثبت أنك الأقوى، بل رحلة لتتعلم كيف تكون أصدق.
فالصِدق مع النفس يسبق الصلح مع الآخرين، والحب لا يعيش في أرضٍ يعلو فيها صوت الأنا على صوت الحنين.
لا تنتظر أن يتغير أحد، كن أنت التغيير الذي تتمناه في العلاقة، في الصداقة، في الحب.
ابسط يدك أولاً، لا تخف أن تُكسر، فالله يرى النوايا قبل الأفعال، ويجبر القلوب قبل أن تُناديه.
احكِ، وابتسم، واعتذر، واغفر، وامضِ…
فأعظم الشجاعة أن تظلّ قلبًا لينًا في عالمٍ قاسٍ، وأعظم الخسارات أن تنام وفي قلبك كلمة لم تُقال.





































