أحيانًا لا تكون الحرب التي نخوضها في الخارج هي الأصعب، بل تلك التي تنشب في أعماقنا، حين نحاول أن نفهم أنفسنا، أن نُسامحها، أن نُعيد بناءها بعد كل انكسار. هناك لحظات تشعر فيها أنك غريب حتى عن ذاتك، تبحث بين تفاصيلك عن ملامحك الأولى، عن ذاك القلب الذي كان يُحب ببساطة، ويبتسم رغم الخيبات.
ما زلتُ أجاهد نفسي… أتعثر ثم أنهض، أضعف ثم أقاوم، أخطئ ثم أتعلم.
لم أكن يومًا كاملاً، لكنني لم أتوقف عن السعي لأن أكون أفضل.
أتعلم كل يوم شيئًا جديدًا عن الصبر، عن الرضا، عن معنى أن تُضحّي لأجل من تُحب دون أن تنتظر شيئًا في المقابل.
أتعلم أن أُحبّ رغم الألم، أن أبتسم رغم ما ينهش القلب، أن أكون أنا مهما تبدّل حولي كل شيء.
كل شيء بخير، ومادمتُ أتنفس، فستبقى هناك محاولة أخرى، وخطوة جديدة في طريقٍ لم أفقد فيه الأمل بعد.
سأحاول، إن لم يكن لأجلي، فليكن لأجل من يستحق أن يراني كما كنت — قويًّا رغم الانكسار، مبتسمًا رغم الحزن، حيًّا رغم الخذلان.
هناك من يستحق أن أُحارب لأجله، أن أُبقي لأجله ذلك النور الذي لم يُطفئه التعب، وتلك النسخة التي عرفها عني في لحظات صفائي.
ولأجل هؤلاء، ولأجل نفسي أولًا، سأستمر في التعلم، وسأبقى أقاتل لأكون إنسانًا لا يُرهقه الظلام مهما طال.
أعرف جيّدًا أنني قد أخطأت، وأن ما بيننا ربما تزعزع، لكني لا أتنكّر لقلبي ولا أنكر الخير الذي رأيته منك.
ولهذا أعدك…
سأُحارب نفسي أولًا، سأهدم في داخلي ما كان سببًا في الألم، وسأزرع مكانه صبرًا ونورًا.
سأكون كما عرفتني، وربما أفضل.
لن أدّعي الكمال، لكني سأكون صادقًا في سعيي إليه.
ولأنك لم تعرف عني إلا الخير، ولأنك كنت مرآتي التي أرى فيها نفسي حين تتوه،
فأنا أعاهدك اليوم — أمام الله، وأمام قلبي — أن أتغيّر.
أن أكون النسخة التي تستحق أن تبقى في حياتك، النسخة التي تُحبّ الخير، وتسامح، وتُحسن الظن، وتُعطي دون خوف.
سأتغيّر، لا خوفًا من الفقد، بل حبًا في البقاء الجميل…
وسأظل أحاول، حتى أصل إلى نفسي التي أؤمن بها، نفسي التي تحب بصدق، وتعيش بسلام، وتُضيء حتى في العتمة.





































