لماذا تركتِ يداي؟
كنتُ أظنّ أن اليدين حين تتعانقان، تُعلّقان العالم في فراغٍ أليف، وأنّ الأصابع حين تتشابك تُحوِّل الغياب إلى جسدٍ حاضر. كنتُ أظنّ أنّكِ تعرفين أنّ يدي ليست يدي، بل نافذتي إلى الحياة، وأنّ تركها سقوطٌ آخر في الهاوية.
هل تذكرين؟
كنتِ تقولين: اليد وعد. اليد أرض. اليد لا تكذب حين ترتجف.
فكيف استطعتِ أن تنزعي يدكِ من يدي، وتتركي صمتي يتيمًا على الرصيف؟
أنا لم أطلب معجزة. أردتُ فقط أن تظلّي قريبة كظلّكِ، أن أسمع خفقكِ في ارتجافة كفّكِ، أن أستند على دفء صغير يُنقذني من برد هذا الكون. لكنكِ تركتِ يداي كما يُلقى الحجر في البئر، بلا صدى، بلا عودة.
اليد، يا حبيبتي، ليست إصبعًا وأعصابًا. اليد تاريخ. اليد شجرة. اليد أغنيةٌ لم تكتمل. وحين تركتِ يداي، تركتِ ما هو أبعد من الجسد: تركتِ الأمل واقفًا على العتبة، وتركْتِني أفتّش في الهواء عن أثرٍ لا يُمسك.
الآن، لا شيء سوى هذا الفراغ الممتدّ بين كتفيّ، فراغٌ يشبه العالم بعد انطفاء آخر قنديل.
الآن، لا شيء سوى سؤال يتردّد في قلبي:
لماذا تركتِ يداي؟