قد يغيب عنا البعض فى هذه الحياة بعد لقائهم والتعلق بهم .وبعد ان زرعوا فى قلوبنا محبتهم بجميل الفاظهم .ورقة معانيهم وسحر افعالهم. فاناروا لنا درباً قد حسبناه مظلماً لن ينير ابدا. وكنا قد ادركنا اننا على اعتابه موقوفون. لا نستطيع مغادرته او الاقتراب منه .حتى اتى هؤلاء. وكأن بايديهم سحرا عجيبا. اخذوا بايدينا وحضنوا امانينا والتفوا حول قلوبنا نحوه . وقالوا لنا هاهو مكانكم هذا بيتكم هذا نعيمكم هذه حياتكم وآمالكم هذه ملذاتكم. فرأيناه طريقا وقد انار امامنا بنور ابيض يشع منه جمال وصفاء وكأنه الشمس فى نهار بلا غيوم .انواره ذهبية وخيوطها فضية نرى من خلالها اجسامنا من تحت اغطيتنا. وقد سرنا معا نمرح ونفرح وكأننا فى جنة الخلد هلت علينا من سمائها. نسعد برفقتهم ونبهج بجمالها ونفرح ببسمتهم وكأن العمر قد توقف عندها .لم نشعر بتقدمه من فرط سعادتنا وحسن رفقتنا.
حتى جاء يوم لم نتوقعه تركنا الاحباب وفارقنا الاصحاب .تركونا فى هذه الطريق المستوحشة بغيرهم .التى انارت بنورهم. فاظلمت علينا من جديد واستوحشنا مسلكها مرة اخرى .ولكن من قبل كنا على اعتابها بايدينا لنا الخيار. كنا احرارا امامها. اما الان فنحن فى قلبها وبين جدرانها . لا ندرى انرحل معهم بايدينا ونزول كما زالوا.ام نتقدم فى الطريق الى مصير لا نعلمه وامر نجهله .ولكن بعد رحيلهم لانزال نرى بصيصا من نورهم .نسير بهديهم وعبيرا يدوم رحيقه نتنفسه وكانهم بين ايدينا . وهذا من اجل صدقهم وحسن حديثهم ودوام اخلاصهم . فهم حقا قد رحلواعنا وادمعوا عيوننا وادموا جفوننا وحرقوا قلوبنا بفراقهم وغيابهم وانقطاع جليسهم . ولكن تركوا لنا نورا من نورهم . واملاً فى لقائهم وعبيرا من فوح عطرهم وجمال سحرهم . حتى نلاقهم ونجتمع بهم ونحدثهم عما رايناه بعدهم وجنيناه خلفهم وما لقيناه باثرهم. فيحلوا الحديث بوجودهم ويروق لنا التحدث بينهم ونتمتع بنورهم وعطرهم . ان شاء الله رب العالمين