وجد أحد أصدقائي نفسه في مأزق حين حدثته عن حاله ناصحا له و هو مراهق ذهنيا جنحت به أفكاره فسلكت به طريقا إلى العزلة فظن انه سيرتاح بأكواخ نفسه فوق الماء كمركب راسية في بحر راقد فعانى كثيرا رغم وحدته و لم يغفر لنفسه ما جنته عليه من إخفاق حيث طفح على شفتاه اعترافا بذلك و هو يقول : (( فر النوم من ضجيج أفكاري )) و افترضته يهزأ بي فقلت له : (( أتظن أنك هكذا تعيش سلطان زمانك )) فتبسم ضاحكا و أجاب على الفور :
ـ زرني أودعك هذه القصة
ثم استطرد قائلا :
ـ سأل الملك وزيره : " من السلطان " . . فأجابه : " أنت يا مولاي " . . فقال الملك : " كلا . . إنما السلطان رجلا لا يعرفنا و لا نعرفه . .
و لم يكمل حيث قاطعته قائلا :
ـ إذا عرفناه أثقلنا كاهله و إذا عرفنا أرهقه تملقنا
تملكته الفرحة و قال في غبطة :
ـ أدركت إذا من السلطان
ـ بل أدركت انك نسيا منسيا
قلت ذلك فوجم هنيهة ثم تولى معرضا و ناديته هاجيا :
ـ نعم رجل منقطع لا يترك أثرا و ليس له ذكرا .