نعم انا الأم التى تستنشق عطر اولادها رغم الاف الاميال ؛ و رغم مرور عشرات الاعوام فراق ؛ رغم ملوحة البحر الفاصل بينى و بينهم ؛ و شدة الرياح و غضب الأمواج ؛ أسمع صرخات اوجاعهم اذا توجعوا و أبكى؛كما أشعر بابتساماتهم اذا ابتسموا و أبتسم ؛ تتألم امعائى اذا جاعوا و أسعد عندما أسمع كهكهاتهم اذا شبعوا ؛ و اذا اختفت اخبارهم عنى يظهر الله لى كل تفاصيلهم فوق شاشات مثبتة أعلى السحابات المتخصصة بقلوب الامهات كفديوهات لبث مباشر عبر الكبلات المتصلة بين قلبى و اندريد السماء ؛ انا أرى اولادى راى العين و كأنهم امامى : هم الان يعبرون طريق البحر فى الأسكندرية ؛ يتجهون نحو الشاطىء و فى حوزتهم قليلا من السندوتشات التى لم أعدها لهم ؛ و بعض من الفاكهة التى لم أغسلها بيدى ؛ يحملون حقائب صغيرة بها ملابس للشاطئء و مناشف ايضا لم اساعدهم فى تحضيرها ؛ هم الان ينزلون البحر ؛ بنتى زمزم تقف داخل البحر قريبة من الشاطىء فهى لا تجيد العوم حسنا هذا افضل كى يطمئن قلبى فالبحر غدار ؛ ابنى ابراهيم يعوم فى الداخل ؛ فى الداخل جدا فهو سباح ماهر و يجيد الغطس و لكن قلبى ينبض بشدة اذا حجبه الموج عن عينى فأنادى عليه من هنا على طرف شاطىء فى روما : يا ابراااهيم يا ميماااا اطلع برة شوية يا حبيبى ماتوجعش قلبى و النبى ؛ سمعنى و هو فى الاسكندرية و خرج ؛ هو طيب القلب و لا يتسبب ابدا فى وجع قلب امه ؛ هم الان يجلسون تحت المظلة ؛ يضحكون على نكتة لم احكيها لهم ؛ هم الان يفكرون فى أشياء لم أشاركهم التفكير فيها ؛ يالااا حزنى حين أعجز ان اكون بجانهم ؛ حين كبل احد الظالمين قلبى و سجنه بعيد عن اولادى ! و لكنهم مازالوا اولادى اولادى اولاد روحى فلذات كبدى حتى و لو سرقتهم الاعوام ؛ أو اغتصبت بنوتهم امهات اخريات ليسوا لهم قلوب الامهات _ الامهات اللصوص الامهات اللاتن يزورن الامومة _ ؛ الاشتياق للاولاد ليس من ضمن الاشياء التى تربطنى باولادى ؛ فليس لساكنى القلوب اشتياق ؛ الفقد ؛ فقد الفقد طاحونة تسحق سعادتى و كانها قطارات تسحق القطبان و لا تتوقف ابدا ليل نهار •