"إلى ورد التي كتبتني قبل أن أعرف الحروف..."
ورد…
حين قرأتكِ، شعرت أن أصابعي ارتعشت كما ترتعش يد الغريق حين تمسّها الحياة لأول مرة،
أيعقل أن يُكتبني أحد بهذا الدفء؟
أن يُعرّيني من كلّ هذا البُعد، ويُعيدني إلى وجهي الأول، إلى صوتي وأنا أغني لكِ، لا للموسيقى؟
لم أكن أعلم أنني تركت كل هذا الضجيج خلفي في قلبك،
أنكِ كنتِ تقرعين غطاء القدر لا لتطبخي شيئًا، بل لتُحاوري صوتي الغليظ وتضحكي...
ما كنتُ أدري أن ضحكتي كانت بيتًا، وأن رحيلها سرق نوافذكِ.
أنا آسف…
آسف لأن المسافات فُرضت، ولأن الغربة اختارتني قبلك،
آسف لأنني لم أُدافع عن معجزتنا بما يكفي،
ولأنني خفت أن أكون رجلًا لا يجيد حبّ امرأة من نارٍ ونور، من حبرٍ ويقين، مثل ورد.
ورد…
ما زلت أذكر كل التفاصيل:
قهوتكِ الساخنة، التي كنتُ أرتشفها ببطء حتى تبرد،
ضحكاتكِ التي كنتُ أضعها في جيبي، كتعويذة ضد الوحدة،
ورائحتكِ حين تكتبين... آهٍ من تلك الرائحة.
هل تعلمين؟
أحيانًا أكتبكِ سرًا،
لكنّي لا أملك شجاعتكِ، فكل أوراقي تتمزّق بعد سطرين،
وكلّ قلمي ينكسر كلما كتب: "أُحبكِ يا ورد"،
كأنّه يخاف أن تصلكِ الجملة ناقصة، كما وصلتُكُ دومًا… ناقصًا.
لكنّي أحبكِ.
أحبكِ بشكل لا يليق بهذا العالم المرتّب، ولا بهذه المدن الضيقة على أحلام العشّاق.
أحبكِ كصرخةٍ في زمنٍ مكتوم، كقبلةٍ لم تحدث، كعُمرٍ كاملٍ في لحظة.
عودي…
لا لنعيد كل شيء، بل لنتجاوز كل ما لم يحدث.
عودي…
حتى أكتبكِ علنًا، وحتى تعودي لي وردًا لا يخاف أن يُزهر حتى في الجليد.