ما رأيتكِ يومًا... لكنّني عرفتكِ أكثر من الجميع"
لم تجمعني بكِ طرقاتُ الحياة ولا مقاهي المدن،
ما لمستُ يدكِ، ولا سمعتُ صوتكِ،
ومع ذلك… كنتِ أقرب من كثيرٍ مرّوا بي بأجسادهم،
وأبعدهم عن قلبي.
يا نادية،
خمسة عشر عامًا من الحروف والنبض،
من رسائل الصباح وثرثرات المساء،
من صمتٍ يفهمني، وحديثٍ يربّت على وجعي،
كيف تُختصر هذه الرفقة في كلمة: "افتراضية"؟
كأنّ الأرواح لا تتصافح إلا حين تلتقي الأجساد،
وكأنّ النقاء لا يُصدّق إلا إذا رآه العيان!
كنتِ في عالمي ضوءًا خافتًا…
لكنّ حضوره الدائم علّمني أن القُرب ليس مسافة،
وأن الصدق لا يحتاج لقاءً ليزهر.
غيابكِ اليوم ليس عابرًا،
فأنا لا أفتقد مجرد حسابٍ على صفحة،
بل أفتقد قلبًا كان لي وطنًا،
وابتسامةً كانت تنبت الأمل في قلبي كلّما جفّت الأيام.
يا من لم أركِ يومًا…
لكأنني كنتُ أراكِ في كلّ ما يبهجني،
وكنتُ أشعر بكِ أكثر ممّن حولي.
نامي بسلام،
فروحكِ تركت في قلبي أثرًا لا يُمحى،
وصوتكِ الصامت سيبقى في داخلي حيًّا،
إلى أن ألقاكِ، حيث لا فُراق.