لم تكن اللمبة ضوءًا، كانتك.
كنتِ دائمًا الوهج الذي لا أطفئه، حتى حين انسحبتُ من حياتك، كنت أترك النور مشتعلاً، كأنني أقول لكِ: ما زلتِ فيّ… وإن غِبتِ عنّي.
أنا من وعدك أن لا أُشعلها من جديد، لكنني كذبت…
أشعلتها كل ليلة، لا لأراكِ، بل لأتذكركِ بوضوح.
أجلس تحتها وأحدّق في الفراغ، فأراكِ تملئينه.
كلّ شيء فيّ يشتاق لكِ بصمت: الجدران، المقعد الفارغ، الكوب الذي بَقي دون غسيل لأنه يحمل لمستك ذات زيارة.
أكاد أسمع خطواتك…
أكاد أراكي تضحكين، ثم تعاتبينني بنصف ابتسامة، وتقولين: "إنت لسه ما غيّرتش اللمبة دي؟"
ما كنتُ أملك شجاعة الرحيل منك، ولا شجاعة البقاء فيك.
كنتِ الوطن والمنفى في آنٍ معًا.
ولهذا، احتفظت بأنفاسك في صدري كما تحتفظ الجبال بثلوجها… صامتة، لكنها باقية.
لو تعلمين كم مرة دعوت الله أن يجعل ضحكتك نورًا لا ينطفئ…
لكنني ما عرفتُ أن الدعاء ارتدّ إليَّ، وجعلكِ النور الذي لا أستطيع إطفاءه، ولا الاقتراب منه.
أنتِ لم تخرجي من قلبي،
بل أنا من خرجت منك…
وكلما اشتعلت اللمبة، تذكرت أني تركت أجمل ما فيّ هناك.
وها هو نورك، سلام… لا يزال يُضيء ظلامي، رغم كل البعاد، رغم كل الصمت.
ربما كان سرّ اللمبة المشتعلة… هو أننا لم نغِب بعضنا يومًا.