تخَيَّل قلبك ميدان معركة، حيث تُحاصِرُك عيوبك كجنودٍ لا تُرحمُ، تُقاتِلُك بهدوءٍ قاتل، تُعطِّلُ خطواتك نحو الضوء. الآن اسأل نفسك: هل أنت مستعدٌ لفتح بوابات هذا الميدان، وإخراجهم واحداً تلو الآخر؟
ليس استعداداً جزئياً ينامُ حين يغرّب النور، بل جاهزية كاملة كالجندي في ثياب المعركة، لا يكلُّ ولا يملُّ، يُقرّ بأن قوّته ليست فيه وحده، بل في دعمه الإلهيّ وصداقته مع الصدق.
عندما تنطق بقرار: «أنا لا أحتمل هذا الصمت القاتل بعد اليوم»، فأنت تطلق رصاصة الوداع على خيول الصمت، وتعلن ولادة جديدة. نعم، سيُقال عنك إنّك «متكلّف» في البداية، لكنّ التكلّف مرحلةٌ ولدت من رحم الألم.
في اللحظة التي تختار فيها الكلام بدل الصمت، والمواجهة بدل الهرب، والصراحة بدل التلوين… هناك تُزهر فيك بذرة الأمانة. تكتشف أنك تملك جرأة الاعتراف بالحاجة، وأنّ الاعتراف هذا هو أعظم درجات القوة.
ستعيشُ غربةً قصيرةً، تشعر فيها بأنك «لست أنت»؛ لأنك تتقمّص سلوكاً جديداً لم تعتده. لا تهرب من هذه الغربة، بل احتضنها: هي ممرّك إلى الذات الأصيلة التي لم تُولد بعد.
كرّر الفعل المعاكس للعيب حتى يذوب فيك، كقطعة ثلجٍ تحت شمس الصدق. ستجد الصمت أحياناً خياراً، ليس لأنك جبان، بل لأنك اخترت السلام. ستجد المواجهة أحياناً صعبة، لكنها نورٌ يحررك من قفص الخوف.
إنها ليست معركةٌ ضدّك، بل معركةٌ لأجلك. في كل مرة تُقابل فيها عيبك بفعلٍ مضاد، تُرسل إشارةً للروح: «ها أنا ذا، مستعدٌّ للتطهير».
وهناك، في ذاك الفضاء الذي لا يرى بالعين، تُولد منك إنسانيةٌ أكثر نضجاً، وأمانةً أعمق، وفضائلَ لم تكن لتُعرف لولا قرارك الجريء.
فكن سيد ميدانك، لا عبد عيوبك.