ثم قال:
يا من تقابلني بالعزوف كأنكِ الملكة في عرش الجفاء،
أما علمتِ أنّ الهوى لا يُقهر، وإن تستّرتِ خلف جيوش الكبرياء؟
قد عرفتُكِ، لا باللفظ تُقالين،
بل تسكنين الصمت كما يسكن الليلَ سرُّ النجوم.
تبنين حولكِ ألف جدار،
وتنسين أن نظرةً واحدة مني،
تهدم ما بنته يدُ الخوف في ألف عام.
تكابرين؟
فلكِ الكبرياء ما وسعني الصبر،
ولي منكِ تلك النظرات التي تُخفي اعترافًا لم يُولد بعد.
تُعرضين؟
وأنا أراكِ كمن تلوّح لسفينته بالغرق،
تتمنّى أن يعود… دون أن تبوح.
ما أنا بخصمكِ،
أنا قدرٌ تُخبّئينه بين أضلعكِ،
وتخشين انكشافه كما تخشى النارُ الريح.
#فقالت:
رويدك أيها الساكن في مواضع الوجع،
أتظنني أصدّك كرهًا؟
هيهات… ما كان في القلب صدٌّ،
ولكنه توقُ العزيزة أن تُؤخَذ ولا تُطلب،
أن تُفهم من دون بوح،
أن تُنتشل، لا أن تُسأل.
ظننتَ الكبرياء في لغتي؟
هو وشاحي الأخير حين تنكسر الثياب،
هو تاجي إذا خانني التوجُّع،
هو حارس المدى حين يغفو اليقين.
أما عن الصمت،
فما هو إلا لغتي الأولى،
أتدري كيف تنطق القلاع حين تُغلق أبوابها؟
ذلك هو صمتي...
كاملٌ، مهيب، لا يُترجم إلا لمن فيه سكنى.
شدّني إليك؟
ومن قال إني لا أحنّ إلى ظلّك؟
لكني لا أهبط الجبل إن لم تكن في قمّته،
ولا أمدّ يدي إن لم يكن في كفّك نَسَب.
أنا لست مأخوذة بك،
بل مأذونة لك بالعبور،
إن كنتَ رجلًا لا يطلب الإذن.