كلما اشتد وعي المرء، خفّ صخبه. تخفّى من زحام العيون، ومن أسواق الأحاديث، ومن نداءات التوق الفارغ. صار يمشي كما تمشي النجوم القديمة في السماء، لا تثير ضجيجًا، لكن حضورها كافٍ لتغيير المدارات. ينكمش على ذاته لا ضجرًا، بل إدراكًا بأن العمق لا يُجاور الكثرة، وأن الطمأنينة لا تقيم إلا في ظل القلة المُضيئة، حيث تسقط الحاجة، وتنبثق الكفاية من الذات كما ينبثق النور من جوف المصباح.