هي لم تُحبه، بل سكنت به…
كانت تشعر أن روحه نافذة تطل منها على نفسها،
كأن الله أودع فيها ملامحه لتتذكر شيئًا نسيته من قِبل.
لم يكن حُبًا بمعناه الأرضي،
بل صلاة تُقام على هيئة حنين،
وارتعاشة بين الأضلاع كلما مرّ طيفه في الذاكرة.
كان حضورُه يشبه المطر،
لا يُستأذن، ولا يُقاوَم،
ينهمرُ في صدْرها فيُزهر الألم،
وتغدو الحيرة وردةً تنبت من وجعٍ جميل.
لم تكن تريد منه شيئًا،
كانت تريده أن "يكون" فقط،
أن يتنفّس بسلام ولو خارج مدارها،
فهي لم تخلقه لتملكه، بل لتُحبّه كما تُحبّ السماءُ البحرَ من بعيد.
وحين غاب، لم يمت فيه شيء…
بل ماتت هي في الحياد الذي تركه وراءه.
صارت تسير وفيها صدى من صوته،
وحكايات لم تُكتب،
وصبرٌ أوسع من البحر،
وألمٌ أنيق لا يراه أحد.
لم تكرهه، لم تلُمه،
لكنها أدركت أن الطمأنينة ليست في الحُب،
بل في الأمان الذي يليه.
وأن أجمل ما في العلاقة أن تظلّ الروح مطمئنة حتى في الغياب.
لقد أحبّته بطريقةٍ لا يفقهها إلا من عانق الله في لحظة وجع،
حبٌّ لا يطلب، لا يحتج، لا يُمسك بيد أحد،
بل يكتفي أن يلمح أثره في الضوء ويمضي.
الحبّ الحقيقي لا يعلو بالصوت،
ولا يختبئ في الوعود،
هو صمتٌ يُنبت في القلب يقينًا،
ثم يتركنا نكبر من بعده… لا ننتظر.
هي لم تُحبه فحسب،
بل كانت تمرّ به إلى الله…






































