في الزحام... نلتقي.
نضحك معًا، نغرق في الحكايا، نقتسم الهموم، ونسمّيها صداقة، وربما حبًّا.
نظنّ أن من مشى بجوارنا طويلًا، سيبقى إلى الأبد.
لكننا ننسى،
أنّ هناك يومًا... لا يُبقي على شيء.
يومٌ تتكسر فيه الأسماء التي منحتْنا الدفء،
وتنقلب فيه الأحضان إلى أسئلة:
لماذا كنتَ هنا؟
هل كنتَ تحبني حقًا، أم تحب صورتك في عيوني؟
هل كنتَ تخاف الله في قلبي، أم تخاف فقدان السيطرة عليّ؟
هل كنتَ ملجأً... أم قيدًا؟
"الأخلّاءُ يومئذٍ بعضُهم لبعضٍ عدو..."
ليست مبالغة، بل كشف.
فكل علاقة لم تكن لله،
تذوب كما يذوب الملح في الماء،
وتنكشف كما ينكشف الظل تحت شمس الحقيقة.
إلا المتقين...
هؤلاء فقط، من بقوا ناصعين في حضورهم وغيابهم،
من أحبّوا روحك لأنها من روح الله،
من أعانوك على نفسك، لا على شهواتك،
من لم يخافوا فَقْدَك بل خافوا عليك.
فيا من تحبّ،
اجعل لنيّتك ميزانًا،
ولتكن خطاك نحو الآخر مطهّرة،
فما بين القلب والقلب، ربٌّ يعلم،
وما بين اليوم ويومئذٍ...
خلودٌ لا يحتمل الزيف.